الخميس، يوليو 03، 2014

غدق الهطول ..


الغيث يهطل في الهضاب كثيفا
والريح ترتجل الطيوف زفيفا

والروح يمرق من فنون بريقها

ليسيح في طرق الحنين لهيفا

فينال من غدق الضياء حشاشة

ويذوق من رغد الظلال قطوفا

يا للهطول! يعيد سرد مشاعري

لتكون في لغة الفتون حروفا

ينسل من صلب الخضم تساميا

ينهل من صدر الغمام ذريفا

يستاف من عبق الورود خلاصة

فيثير أوتار الشجون عزيفا

ويبيح من قدس الحياة إضافة

جعلت لرقتها الجماد مضيفا

فبكل شبر، للهطول حكاية

نضحت على رهف الأثير حفيفا

وبكل شبر للحياة طرائق

غشي الزمان سماتهن ظروفا

فبدا غشاء للطبائع لازما

قد حف أبعاد الوجود وصيفا

إن شف، من وهج العقول تبخرت

منه الرؤى والذكريات طيوفا

وإن اعتراه جوى القلوب تسربت

منح الجمال من الجنان كشوفا

هذا الهطول يجيد موسقة المدى

ليصوغ من نغمي اليتيم ألوفا

والصحو بعد الغيث نم غضارة

عن كل أبعاد الغيوب رهيفا

****

هذا الهطول يدير كوكب نشوتي

تلقاء طيفك إذ يرف رفيفا

ليدور في فلك الكمال متيما

فينال من غدق الجمال صروفا

ما لانهمارك في دمي من شاهد

عدل كوبل، لو حكاك وصوفا

فكأن حسنك ديمة أبدية

عكفت على قاع الشجون عكوفا

و شفت بتسكاب الجمال و دره

أفقا كليما لا يكف نزيفا

و محت بإكسير النقاء ولونه

نكد الزمان المشرئب خريفا

أنا إن لمحتك في الخيال أحاطني

عبق النسيم السرمدي عطوفا

وتقاطرت مزن الخلود، فغازلت

أشجان روحي المستكين أسيفا

فتساقطت في مهجتي، فتعاظمت

في الحس غابات الجنون وريفا

اللازورد همى بقلبي وابلا

من بحر طرفك، واستثار كهوفا

متغلغلا في كيمياء طويتي

متفاعلا بالغامضات صنوفا

حتى استحال إلى زمرد فتنة

أسكنته كنه الضمير عفيفا

هو في ضميري سر برق خالد

يهب السرور وقوده الموصوفا

****

أنا لم أبح! هو للحنين أباحني

فأتاح لي ماء الوصال وكيفا

فتأججت نار البعاد كميدة

فتوهج الوله العظيم عنيفا

فنشدته بحر الكمال، مغالبا

بؤر الفيوض الباهرات كفيفا

يارب! أنت برأت سحر جماله

فاكتب لقلبي أن يكون حصيفا

يارب! أنت فلقت ضوء وجودنا

فامنن علينا بالخلود رؤوفا

****

هذا الجمال! مثال حسن خالص

مزج الكمال طبيعتيه شفيفا

يا ما تعاورت الليالي سحره

وتناوشته رؤى العيون سيوفا

فعنت له قطع الظلام بكيدها

وسما على دنيا الرغام شريفا

فغلا، بإرث الراحلين، حكاية

وزها، بضوء القادمين، طريفا

وبنى له الشعر الجميل معالما

واختاره النثر الأمير حليفا

فاختال في كل البلاد ممجدا

و زها على مر الدهور منيفا

هو منتدى المتأدبين وخمرهم

ترتاده كل اللغات ضيوفا

وجدت به أم العلوم غريبها

و بدا به الفن الغريب عريفا

و غدت إليه الغاديات طروبة

وسعت إليه الرائحات ذفيفا

وتوطنته الأغنيات تناسلا

وتوسلته الأمنيات زليفا

وتلقفته السانحات حفية

وترقبته الشاردات وقوفا

و صفت لجذوته القلوب سلافة

فامتصها بمدى الجنون رشيفا

****

هذا الجمال! غلالة هفهافة

رمزت إلى سبح الجلال شفوفا

فنمت بفجر العارفين حقيقة

وذوت بليل السادرين زيوفا

هناك تعليقان (2):

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))