الخميس، أكتوبر 30، 2014

(نرجس) الوسواس الشكلي!!




حتى في إطار الشعر العمودي، ستجد في هذا الزمن ، حيث الحكام لا يحبون الأدب، شعراء ممن يمتلك سطوة إعلامية ، بسبب امتلاكه للمال، يتصدر منبراً شعرياً، فيقوم ببناء علاقات غير طبيعية "نفعية" مع شعراء ونقاد بهدف تسويق نفسه والترويج لنهجه الشعري كما لو كان هو النهح الأوحد، الذي يحيط به الكمال من بين يديه ومن خلفه وعن أيمانه وشمائله؛ وتجد كل نشاطه يصب في خانة تسويق نفسه، ودراسة جوانب الجدوى في شخصه، وقياس مستمر لمملكة "نرجس" في بركة مائه، من خلال خارطة دقيقة ومدروسة من العلاقات التي ترفع من أسهمه في "بنك الخدمة" حسب تعبير "باولو كويلو" في "الزهير". ولذلك تجد شعره متكلفاً مصنوعاً مجوفاً بمعانٍ سطحية، وتجده في منشوراته النقدية مريضاً بعقدة نقص في شاعريته، تتجلى في إسرافه في الحديث عن الشكليات، كما لو كان هو من اكتشفها، ولم يتم حسمها منذ قرون! فيحاول تغطية فجاجة شعره بنجاحه الذي لم يسبق له مثيل في إنجاز الشكليات! مهملاً قضية ماهية الشعر وجوهره! ومنطلقاً في تقييمه لأشعار الشعراء - علاوة على مقتضيات العلاقات النفاقية - من معاناة واضحة بهذه العقدة، فيعمم حكم هفوة على خمسين نصاً من شعر شاعر! نافراً من كل نص يفيض بجوهر الشعر وماهيته الإبداعية، كما لو كان هذا النص مصاباً بالبرص! إلا إن كان النص لشاعر له رصيد كافٍ في "بنك الصلات" يستفيد منه في مهمة تلميع الذات الاستراتيجية، والاستفادة من هالة الضوء التي تحيط به (فهنا يظهر فجأة كصعلوك تائه في الصحراء العربية يحاول عبور مجرات الضوء)...

 يفتح مجموعة في الفيسبوك، تحت لافتة عريضة! ولهدف نبيل! ويجذب إليه الأعضاء بالتلويح بدريهمات في مضمار تنافسي يُفترض أنه يحقق هذا الهدف! ومن خلال تتبعك لممارساته تتفاجأ أنك أمام نفسية طغيانية تدير طقوس التسبيح بحمدها بطريقة "شطرنجية" تستفز الأنفس الحُرة! متضايقاً من مدحك الهادئ له! على أساس أنه لا يشبع إلا بالمدح المغرق في السريالية! ولهذا تراه مشغولاً بصوره الشخصية و"صورة تطلع وصورة تنزل" بإسفاف يخجل منه الفتى "نرجس" نفسه! والمخيف أنه في ممارساته القمعية لا يستحي من أن يعبر عن استمتاعه بذلك وتصوير نفسه كسمك قرش كبير أكل سمكاً من التونة! لكن المرارة تبلغ ذروتها أن كل هذا يتم تحت دعوى "الالتزام الديني" ... لو حكم أمثال هؤلاء بلداناً لاحتجنا إلى نُسخ مطورة من أحمد مطر وعادل إمام وعلي فرزات ومحمد الماغوط ليستطيعوا إدراك الكوميديا السوداء الكامنة خلف المشهد التراجيدي الذي يتوسطه "مصاص دماء"!


قال إن العلماء أجمعوا على عدم قبول كلمة واحدة إن لم تكن مؤيدة بشاهد من عصر الاحتجاج )قبل 150هجري( فما بالكم ببدعة انتقلت من الغرب عام 1947 م حسب قوله

!!!

- هو يعني بالبدعة الشكل الجديد من الشعر العربي "شعر التفعيلة" .

- يخلط بين الاحتجاج اللغوي وبين تطور الأشكال الشعرية ولا علاقة بين الموضوعين .
- يسمي شعر التفعيلة "بدعة" رغم الإرث الكبير والجميل والأصيل لشعراء هذا الشكل .
- لا يعلم أن الشكل الشعري الأول كان قبل الإسلام ولم ينزل نص قرآني لاعتماده شكلاً وحيداً ! (هل للقرآن دخل بهذه القضية)؟!!!!

- لا يتحرج من كونه عبر عن إعجابه بكبار شعراء هذا الشكل في كذا مناسبة رغم تسميته له بالبدعة .

- أسلوب كلامه لا يدل دائماً على أن عدم إعجابه بالشكل الشعري الحر مجرد رأي بل هو يتحدث عن مؤامرات وكوارث ويقحم الهوية ، رغم أننا بصدد الحديث عن أشكال فقط !!!


ينفر من النصوص التي تتضمن ما يشبه المعادلات الكيميائية والتعبيرات الضوئية "حسب تعبيره" والأمور التي لا يفهمها محتجاً بكون الشعر أساسه الوضوح والبيان .
!!!
إنه لا يعلم أن النفس الإنسانية أكثر تعقيداً مما يتصورها؛ وأن الشعراء يستخدمون أساليب تحليل مشاعرهم وتفاعلاتهم الوجدانية، وشرحها وكشفها وإيضاحها بمقاربات تصويرية مبتكرة ورموز دالة من مختلف العلوم والمعارف، وتعبيرات إيحائية، ولغة ذات دلالات مفتوحة ... وأن هناك تجارب أصيلة وتجارب تجنح للغموض بهدف الغموض .... وأن المتذوق والقارئ لن يفهم حتى يكون لديه إلمام بمنطلقات النص الاجتماعية والنفسية والفلسفية والفنية والواقعية والتاريخية ...
كيف يريد لهؤلاء الشعراء أن يعبروا؟!
أن يقولوا مثلاً:
أرنب جدي يقفز يقفز ؟!!!

 الساحة الشعرية تحتاج لنقاد كبار استوعبوا مسارات الشعر العربي منذ نشأته شكلاً ومضموناً، ويمتلكون الثقافة اللازمة والذوق الكافي لتقييم أي نص انطلاقاً من مساره الفني الذي ينتمي إليه ... نقاد أمثال إحسان عباس وصلاح فضل يتوزعون على كل الدول العربية يخلقون الحركة النقدية الموازية للحركة الشعرية من أجل ارتقاء الحياة الأدبية ... تحتاج الحركة الشعرية لأمثال هؤلاء ، لا إلى "فوهرر فيسبوكي" يناضل ليحصر الشعر كله في مسار واحد! مستفيداً من بقية المسارات بما يفيد في تلميع نفسه فقط! يتعامل كما لو كان نبياً أُرسل لاحتكار حق تصنيف النصوص، وتوزيعها على درجات جنته ودركات جحيمه! وحق تلاوة عقيدة الشعر وشريعته! وبيان المحجة البيضاء للشعراء! والاستعانة بمختلف المعجزات! وآيات الترغيب والترهيب! وتقريب الحواريين حسب قوة إيمانهم به! حريصاً على كسب ود زعماء القبائل الفيسبوكية! ..... إنه "فوهرر فيسبوكي يجد الحق في عمل كل هذا بسبب نجاحه الباهر في تدويخ البعض بسياسة طغيانية قديمة؛ سياسة "العصا والجزرة"!!

 يجب ألا نقلق منه ومن أمثاله، فالزبد يذهب جفاء وما ينفع الناس يمكث في الأرض، والطفرات الإعلامية المصنوعة بالمال تزول فجأة! وتستأنف الإنسانية دائماً بطبعها الفطري تتبع بقعة الضوء التي تومض في نهاية نفق الشكلية المظلم الذي يعاني واقع الشعر العربي من تغوله على حساب الجوهر ، مبدعة في طريقها أحلى وأرقى أناشيد الحنين إلى المعنى ، الذي يحدد شكله دون أي ضجيج ..

هناك تعليقان (2):

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))