الأربعاء، فبراير 02، 2011

تونس حُرّة


        هذا النص ألقي في منصة اعتصام ساحة الحرية في تعز ضمن ثورة 11 فبراير      
   مضى بو عزيزي ليمحوَ من صفحة الروح قهرَهْ
مضى و تسامى لينزعَ من غيْهب الظلم ثأرَهْ
مضى وسْطَ صمتٍ ثقيلٍ رهيبٍ على حين غِرَّهْ
تلظى انفطاراً ليعلنَ بالحاكم الفرد كفرَهْ
مضى ثم عاد ليسريَ في أرض قرطاجَ فِكرَهْ
توقدَ غيظاً.. توهجَ رفضاً.. تسعّرَ جمرَهْ
فأشعل فيما تهشم من خُضرة الأرض ثورهْ
أزال صِمَاماً لِماردِ عِزٍّ تَلَبَّثَ فتْرَهْ
تصبَّرَ ردْحاً فزاد العنادُ فقَوَّضَ صبرَهْ
فثار غُيوثاً تُثيرُ الحياةَ و أصبح عِبْرَهْ
تصبَّبَ حُزناً.. تجمَّعَ سُخْطاً.. تدفَّقَ غَيْرَهْ
ينادي و يصرخُ بالظالم :( ارْحلْ ؛ فتونسُ حرَّهْ)
فحارَ الشقيُّ و همهمَ .. غمغمَ .. لم يُخْفِ ذُعْرَهْ
ترجّى .. توسّل .. خارت قواهُ فغادر قصرهْ
و صار الذي قدّمتهُ يداهُ و ليلاهُ حسرهْ
أما أدركَ الذئبُ؟ أنّ الكرامةَ في النفس فِطْرهْ
و أنّ الكريم بِقَبْوِ الليالي يُعَتِّقُ فَجْرَهْ
ويرهنُ للحق و العدل - رغم الشياطين - عُمْرَهْ
و أنّ الأنينَ الخفيَّ بِحُرٍّ يهزُّ المجرَّهْ
و أن العَرَمْرَمَ يبدأُ - إنْ شاء ربي - بِقَطْرَهْ
و أنْ ليس للياسمين سوى أنْ يُفَتِّقَ زَهْرَهْ
و ينشرَ بين المحبين - رغم الحقارة - عِطْرَهْ
و أنّ الشهيد إذا ما توارى يغادرُ قَبْرَهْ
لينثرَ في عتمات الزوايا على الدربِ صَدْرَهْ
و يبْذُرَ في خلجات الطوايا من الشعبِ سِرَّهْ
و يسكبَ في قنوات التصدي إلى الصدقِ حِبْرَهْ
و يكتبَ في صفحات التحدي إلى الحق نَصْرَهْ
و في كلِّ صحوة شعبٍ أصيلٍ يُجَدِّدُ سِحْرَهْ
ليمنحَ كلَّ البرايا و كلَّ الحكايات نورَهْ
أما أدرك  النَّذْلُ؟! أنّ المقادير ترقب أمرَهْ
و أن مصير الطغاة - إذا حالف الحظُّ - حُفْرَهْ
و أنّ النواميسَ لم تتحوّلْ مقدار شَعْرَهْ
و أنَّ المسافة بين الحقيقة و الناس نظْرَهْ




لِيأْخُذْ زعيمُ الخرابِ الغبيُّ من الشعب حِذْرَهْ
لِيتركْ على طرقات النزيف المكابرِ كِبْرَهْ
لِيصْدُقْ على منبر الزيف وسْطَ الشعارات مَرَّهْ
لِيسمعْ لصرخة شعبٍ حليمٍ تجرع جَوْرَهْ
يُجَوِّعُهُ بصراعٍ مريرٍ لدى كلِّ سَكْرَهْ
لِيرحلْ.. فكم من عفيفٍ تمنى من الخبز كِسْرَهْ
و طالبِ حقٍّ يوزِّعُ بين المساءات زَفْرَهْ
و شابٍّ طموحٍ أضاع بشتى المتاهات عُمْرَهْ
و موئلِ عِلْمٍ و ليس يمُتُّ لشكل التّعلُّمِ ذَرَّهْ
و طفلٍ يُشَيَّعُ في وَحشة الليل.. لم يلقَ إبْرَهْ
و صاحبِ رأيٍ يَعدُّون في مخفر العسْفِ نَبْرَهْ
و كم من بريءٍ تلقَّى رصاص الحماقات غَدْرَهْ
و شهمٍ نبيلٍ شريفٍ عقُولٍ يودُّون كَسْرَهْ
و نَذْلٍ يُرَقَّى بلا أيِّ علمٍ و لا أيّ خِبْرَهْ!
بأيِّ جنونٍ تُساسُ بلادي؟! ومن أيِّ زُمْرَهْ؟!
لماذا تهاوت بِعُنْفٍ على شاهق الصبر دُرَّهْ؟!
و كيف تردَّتْ شظايا حُطامٍ ؟! و في أيِّ حُفْرَهْ؟!
بأيِّ ذُنوبٍ تُضامُ بلادي؟! بأيِّ مَعَرَّهْ؟!
لِيُخْنَقَ كلُّ ابتهاجٍ عليها و كل مسرَّهْ؟!
و يُسحَقَ فيها الملايينُ عمداً بأقدام أُسرة؟!



لِيفهمْ !! فما يحملُ الدهرُ سَراً سيُولَدُ جَهْرَهْ
سينمو و ينمو ليبلغَ - رغم الأباطيل قَصْرَهْ
و في ما يُدَوِّي بأرجاء مأْوَاهُ درسٌ و عِبْرَهْ



لِيرحلْ ! و تباً لمن قال أنّا سنُعْدَمُ غَيرَهْ
خسئتم !! سنكْنُسُ من كل شَبْرٍ من الأرض ذِكْرَهْ
و بين الملايين و الخير همٌّ و عزمٌ و نَفْرَهْ
و للبغي يومٌ .. و في الحر نبضٌ.. و للدهر دَوْرَهْ
و للملكِ الحقِّ في الناسِ حُكْمٌ و علمٌ و قُدْرَهْ


15/1/2011

هناك 18 تعليقًا:

  1. رائعة وكفى لأني لا أجد حقا ما اضيفه
    إنها العزة تعود فيا الله

    ردحذف
  2. من أروع ما قرأت..


    كنت هنا..

    ردحذف
  3. .....................................................................................................................................
    جميل رائع عذب خرير كلامك أستاذ أحمد مثل السلسبيل
    و للملك الحق في الناس حكم و علم و قدرة
    و نعم بالله حاكما و عالما و قادرا

    ردحذف
  4. صح لسانك يا طيب
    قلت واجدت

    ردحذف
  5. تتعسر ولادة مفرداتى حين تكون حاضرة فى محراب إبداعك الآسر
    ...وألجأ إلى ولادة قيصرية لحروفى... لكن للأسف لا يمكن لحروفي أن تصور عمق إعجابي ..و حالة التأمل التي تنتابني ...

    القصيدة أشعلت نارا في الفؤاد فكأن جمرة من عظام البوعزيزي قد حلت في روحي فألهبت كياني ...وأنا أقرأ هذه الكلمات ..
    .... لنبضك أخي أحمد تركع الأبجديات ويصبح الصمت سيدا للكلمات
    دمت مبدعا متفردا

    ردحذف
  6. فكم من عفيفٍ تمنى من الخبز كِسْرَهْ
    و طالبِ حقٍّ يوزِّعُ بين المساءات زَفْرَهْ
    و شابٍّ طموحٍ أضاع بشتى المتاهات عُمْرَهْ
    و موئلِ عِلْمٍ و ليس يمُتُّ لشكل التّعلُّمِ ذَرَّهْ
    و طفلٍ يُشَيَّعُ في وَحشة الليل.. لم يلقَ إبْرَهْ
    و صاحبِ رأيٍ يَعدُّون في مخفر العسْفِ نَبْرَهْ
    و كم من بريءٍ تلقَّى رصاص الحماقات غَدْرَهْ
    و شهمٍ نبيلٍ شريفٍ عقُولٍ يودُّون كَسْرَهْ
    أبى أن تظل بلادي على مسرح الضيم سُخْرَهْ
    تُهانُ و تُقْمَعُ في كلّ حينٍ على كل صورهْ
    و نَذْلٍ يُرَقَّى بلا أيِّ علمٍ و لا أيّ خِبْرَهْ!
    بأيِّ جنونٍ تُساسُ بلادي؟! ومن أيِّ زُمْرَهْ؟!
    لماذا تهاوت بِعُنْفٍ على شاهق الصبر دُرَّهْ؟!
    و كيف تردَّتْ شظايا حُطامٍ ؟! و في أيِّ حُفْرَهْ؟!
    بأيِّ ذُنوبٍ تُضامُ بلادي؟! بأيِّ مَعَرَّهْ؟!
    _________________
    كلمات رائعة ومعلرة
    تقبل أطيب تحياتي

    ردحذف
  7. عقبى لباقي الديار العربية والشعوب المضطهدة
    تحيتي ومودتي

    ردحذف
  8. لم أجد كيف أعبر عن فرحتي برحيل مبارك سوى بترديد هذه الأبيات الجميلة

    لِيرحلْ ! و تباً لمن قال أنّا سنُعْدَمُ غَيرَهْ
    خسئتم !! سنكْنُسُ من كل شَبْرٍ من الأرض ذِكْرَهْ
    و بين الملايين و الخير همٌّ و عزمٌ و نَفْرَهْ
    و للبغي يومٌ .. و في الحر نبضٌ.. و للدهر دَوْرَهْ
    و للملكِ الحقِّ في الناسِ حُكْمٌ و علمٌ و قُدْرَهْ

    ردحذف
  9. اجمل ما قيل عن الحكام الظلمه لشعوبها
    نعم ليرحل وتبا لمن قال سنعدم غيره

    ردحذف
  10. الأخت الكريمة/ مريم أحمد - موقع الفيس بوك - تونس

    الشكر الجزيل على المرور و قبل ذلك التهنئة الحارة على ثورة العرب الرائدة

    ردحذف
  11. الأخ العزيز / خالد أبجيك - مدونة الفكر الحر - المغرب

    الشكر الجزيل على المرور

    ردحذف
  12. الأخت الكريمة / إيناس نور - موقع الفيس بوك - الجزائر

    الشكر الجزير على كلماتك

    ردحذف
  13. الأخت الكريمة / حلم - مدونة هوس الحلم - المغرب

    الشكر الجزيل على المرور

    ردحذف
  14. الأخت الكريمة / نور الهدى - موقع الفيس بوك - كندا

    أحرجني والله إطراؤكِ بقدر ما شجعني الشكر الجزيل نور

    ردحذف
  15. الأخت الكريمة / أحلام - مدونة أحلام يمانية - اليمن

    حللتِ أهلاً و نزلتِ سهلاً في مدونتي

    ردحذف
  16. الأخ العزيز / محمد ملوك - مدونة الكاتب محمد ملوك - المغرب

    أشكرك أستاذ محمد على الإطلالة

    ردحذف
  17. الأخت الكريمة / نور الهدى

    أفرحك الله برحيل كل الطغاة أيتها الحرة و خاصة علي عبد الله صالح و حزب فرنسا

    ردحذف
  18. أخي غير المعرف

    أشكرك على مرورك

    ردحذف

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))