الأربعاء، مارس 30، 2011

وطني العائد من هوة الألم

وطني
خرجت باحثاً عنك يا وطني
عازماً على أن أجدك
بعد أن اختزلك الطاغية
في وجهه البشع الدميم



ناديتك يا وطني
بكل قوة ممكنة
فسمعت صدى صوتك
قادماً من بعيد
من كل هوة رهيبة
للألم و الشقاء


سمعته متهدجاً
مختلطاً بالبكاء

من تلاميذ عرايا
تصطك أسنانهم
من سطوة البرد
منتصف كوانين

من إباءٍ قتيل
لمتسولة شابة
أمام جامعٍ عتيق
في حارة فقيرة

من نظرةِ مختلفة
طافحة باليتم
عبرت بها طفلة
دون أن تتوقف
على وجه (ذاك الرجل)
في منزل صديقتها

سمعت صدى صوتك
يا وطني الجريح
يأتيني بطيئاً
مرتعشاً بالأسى

من حرقة مكتومة
لطفل صغير
قرب محلٍّ فخم
يكتض بالدمى

من شهقة أم
على جَدَثٍ صغير
حيث رقد ولدها
إلى أبد الآبدين
برصاصة طائشة
مجهولة الهوية
سمعت صدى صوتك
متشحاً بالشكاة
من غصة أبٍ حائر
محاصرٍ بالشقاء
و النظرات القلقة
ليلة العيد السعيد

من زفرة فتاة
تزورها الحسرة
  صباح مساء
فترسم اسمها
على راحة يدها
بعيداً عن الأعين
لتمحوَ عن حسها
سبة الأمية

سمعت صدى صوتك
من مغتربٍ بعيد
ينتزع البسمات
من ألبومٍ للصور
وتارةً يتسلى
بآخر خربشاتٍ
زخرفهاولده
من زوجة اعتصمت
فسئمت من صبرها
شرفة الانتظار
من ملامح بائسة
وغلالة كامدة
على وجه جندي
يعدُّ راتبه
للمرة الثالثة

سمعت صوتك
ممزقاً كالأنين
من شواهق لليأس
من وجوه كالحة
ملأت حنينها
بأوراق القات
لتقتنص لحظات
هدنةً مع الألم


من فلاح بسيط
حاول و لم يستطع
أن يشيخ ثوره
تحت رعايته!
...
لطالما وعده
و تغنى كل يوم
لكن أحدهم
اقتاده بقسوة
فانفجر الفلاح
باكياً بحرقة
أضحكت الأطفال


من رجل تهامي
في ذروة العمر
صارع بضراوة
المرض الغامض
أمام بنيه
فانتزعه الردى
و تركهم هناك
مثل الأشباح
وسط العتمة

من صغار صنعوا
كرة غير مدورة
من القماش و الكرتون
ليأخذوا فرحتهم
على أرض ثابتة
ببراءة معذبة
و جوع مستديم


من رجال
فقدوا عقولهم
لم يعد يربطهم بالأرض
سوى مواطئ أقدامهم
أقدامهم التي تهرأت
على طول المسافة
ضمن ما يدعونه
(حياة إنسان)

من إمام مسجد
في ريفك البكر
يموت على يقين
بأن شكل الأرض
غير كروي!
بحجة أن ذلك
لم يرد مطلقاً
في سفينة النجاة!

...................
...............
..........

سمعت صدى صوتك
على امتداد خارطة
من الجوعى و المرضى
تسكنه بوضوح
حشرجة مخيفة
من الدم و الأشلاء
............
أشلاء ممزعة
على قارعة الطريق
في قلب (خور مكسر)

من جثمان (مُهيبٍ)
إذ يلفظ أنفاسه
من غير مغيث
.....
قتلوه ياناس
بكل همجية
بأعقاب البنادق
مثل كلبٍ عقور


سمعتك يا وطني
من وسط نهرٍ أحمر
من الدم المراق
تدفق غامراً
قسوة الأسفلت
وسط (صنعاء)

من وليمة أرواح
تسامت للسماء
تشكو إلى ربها
شلالاً من الدم
على تراب (أبْيَن)

...........
.........
.....
...

* * * *


نورٌ سطع في الغرب
خفق فؤادي في الشرق

رأيت على وهجه
ملامح تتشكل
لوطن تمنيته

و على سارية النشوة
رفرفت و لم تتوقف
روحي الشفيفة
المثخنة بالحزن
و رايةٌ انبعثت
بألوان زاهية
من رماد الطغيان

نورٌ سطع في الغرب
غرب وطني الواسع
قيامة حلمي قامت
و سكنتُ أول مرة
على إيقاع ساحر
لنشيد الوطن العائد

لم تكن أيها النور
هالة مؤقتة
لفجر وهمٍ كاذب

فما ضياؤك الباهر
ذاك الذي أبكاني
غير قضاء الله!


يا نور قلبي الشائق
مهما أدمى الريب
بشوكه الحاد الجارح
آلاف الأفئدة
فقد بلغتُ بسناك
حق اليقين الآن

أحببتك ذات ليلة
حلماً طرياً أخضر
يخفف عن كياني
وطأة الزمن الداكن

و اليوم أرى بجلاء
وطناً يتجلى برفق
خارطةَ عشقٍ وليد
على لطفك الغامر


أرى بك وطني
يبدو شبراً فشبرا
فرادى و جماعات

أرى بك وطني
يسمو بكبرياء
من هوة الألم الغابر

أرى بك وطني
يمضي بكل المنى
إلى حيث نلتقي
على أرائك للحب
في نقطة اللازمن
...........
........
......
....
..


هناك 16 تعليقًا:

  1. مطولا وقفت على فيروز حرفك ... ساهية... متأملة ... محاولة جمع أخيلتي ....

    لقد أحسنت أخي أحمد التمرغ في أبجديات الحزن والشجن ، وأجدت التوغل في حكايا الوجع المقيم ، وقفزت على جدار البوح العتيد...

    فيالها من قصيدة وارفة الأغصان ...رسمت الآهات بلذة الحزن الخافت ... فامتزج الحزن العام والخاص لدرجة التماهي ...

    لقد فتحت حروفك للنور دربا... سأرفع قبعتي لهذا الألق ولا أخشى بردا أو ريحا ...

    لروحك كل الود ... ولا محدود من الياسمين

    ..........

    ردحذف
  2. أخي واستاذي احمد
    قد اطللت بقصيدتك على شرفة روحي حين تتغنى بوطن جريح يتلوى من الاحزان قد مازجت كلماتك حب الوطن فمازجتها حبي للوطن .لعل اوطاننا الحزينة تشرق عليها شمس الصباح وتلوح معا راية الحرية
    دمت ودامت اوطاننا بخير
    تحياتي

    ردحذف
  3. قد اختصرت الصورة القابعة منذ عقود العذاب والمرّ
    وقد انتفض الجرح النازف ليعلن أنه آن الأوان للجرح أن يتماثل للشفاء
    وآن أوان الجسد الهزيل أن ينتفض وينتعش
    قد آن الأوان فلا رجعة عنه
    وقعت حروفك على وجع قديم حديث يتماثل الآن للشفاء
    أبدعت شاعرنا الكريم

    ردحذف
  4. السلام عليكم

    لقد مرت اليمن بحروب عديدة وأزمات كثيرة وسجلت
    أعلى نسبة في الفقر المدقع ..
    اتمنى أن نراها مزدهرة الآن ...اتمنى أن يصل التعليم فيها في كل ريف وقرى ...

    الآن الدور عليكم ...لكي تعيدوا بناء وطنكم ..
    وتحافظوا على وحدتكم ..

    لا أدري ما أقول في شعرك هذا غير انه يغص بألم عميق ..

    اسأل الله أن يفرج همومكم .

    ردحذف
  5. قد عزفت اجمل كلماتك على اوتار قلبك

    فقلقت لوحه مختلطه ترى فيها الامل والالم .. فوجد

    الابداع .. طريقه لك ..

    لكنه ابداع دامي يخرج من جرح عميق ,, وفقك الله تقبل مروري هنا..

    ردحذف
  6. لم تكن أيها النور
    هالة مؤقتة
    لفجر وهمٍ كاذب

    فما ضياؤك الباهر
    ذاك الذي أبكاني
    غير قضاء الله!
    ****
    بل هي ثورةصدحت بأصواتها المنابر غير مبالية بهول العاصفة ..!!

    الشاعر القدير / محمد شمسان
    للحرية هنا صوتٌ جسد الوطنٌ ببوح المُقل ..
    سلم البنان ،،،

    ردحذف
  7. منصورون بإذن الله تعالى..


    كنت هنا..

    ردحذف
  8. الأخت / نور الهدى

    الشكر الجزيل لا أقول على تعليقك بل على هذا النص البديع للغاية

    ردحذف
  9. الأخت / حرة من البلاد

    ما أشجى الحزن الفلسطيني حين يطل برأسه من نافذة كل جرح من جراحنا
    كانه اليتيم الذي لا أب له فهو يتردد على منازل الأعمام ليجمع من شتاتها حناناً يفتقده

    ردحذف
  10. الأخت / آلاء سرور

    قد أبدعتِ والله إنه الجرحالذي غطته الأكاذيب قرابة 33 عام و آن له ان يبرأ على حين تفجرٍ غير مرتقب

    ردحذف
  11. الأخت / ولاء أبو غندر

    الشكر الجزيل لشعورك بعمق مآساة بلادنا
    و الشكر الجزيل على تمنياتك الصادقة
    و نعدكِ بأننا سنبذل الغالي و الرخيص من اجل إنقاذاليمن من براثن الطغيان الذي سهر كل تلك السنين راعياً مخلصاً لكل جراحنا

    ردحذف
  12. الآخ / الهناف المزروعي

    الشكر الجزيل اخي العزيز على توصيفك الرائع للنص ، كما أشكرك على المرور الذي أعتز به

    ردحذف
  13. الأخت / أحلام الكثيري

    الشكر الجزيل على مرورك الهامس كعادته

    ردحذف
  14. الأخ / خالد أبجيك

    الشكر الجزيل - اخي العزيز - على نقطة الحبر التي تتركها كهمزة وصل ضرورية تحمل الكثير الكثير

    ردحذف
  15. يا أستاذي .. مؤلمة بحق كلماتك يا سيدي !

    يا أيها الحر الذي انطلق مارد النور من داخله ، من أي أرض أتيت إلا أرض العرب .. أرض اليمن الذي أصبح سعيدًا بعد طول حزن !

    يا أستاذي .. كم كان في قلبك من الشجن والأسى على الوطن المكبل المكلوم ، وأي فرحة تلك التي احتارت معها اللغة ، حتى تخرج بهذا الفن الماتع ، والوخز القلبي اللذيذ ؟!!

    سامحكم الله ، وأدام فرحتكم ، وأتمها بحرية كاملة ، وكرامة دائمة ، ورأس مرفوعة أبد الدهر ، وحضارة صارخة بأن ما كان زوبعة في فنجان الزمن من طغاة كُتب على جبينهم الزوال الأبدي ..!


    أعتذر على تقصيري ..

    جزاكم الله خيرًا أستاذي ..

    والسلام ..

    ردحذف
  16. أختي العزيزة/ زهراء إبراهيم

    مهما نكن فنحن لسنا سوى شعاع من نور مصر (حقيقة تاريخية)

    ردحذف

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))