الخميس، ديسمبر 29، 2011

خواطر ( يمنشامية )




قم يا ابن عساكر من رقدتك بالله عليك و معك كل مؤرخي الشام .. لدينا تقنيات حديثة و لديكم عزائم حثيثة .. و ذلك يكفي لتمكينكم من وضع خطة تجعل من تسعة شهور من الخيال تاريخاً يمكن صياغته ؛ فنحن - والله - في ورطة جعلتنا مثل حملان ضالة في أحراش الفيسبوك و أدغال التويتر محاولين الإمساك بأطراف نور يعم الفضاء !!

التجليات المختلفة للثورة العربية في اليمن و الشام مثل (ثورة المجتمع ضد الفساد) و مثل ( إضراب الكرامة) أثبتت أن الشعوب حين تحيا و تدرك قيمة الحياة لا يمكن هزيمتها أو كبح جماحها بمشاريع مصممة لهذا الغرض مهما تكن قوة واضعيها.
ياطغاة القرن الواحد و العشرين قليلاً من الذكاء.

هل أنا في حلم ؟! قصور الجبابرة تتهاوى و حذاء ثائر تفطرت قدماه في (مسيرة الحياة) تشتريه ثائرة يمنية بثلاثة ملايين ريال بعد مزاد كان كالتالي:
- النائب محمد الحميري 100 ألف ريال
- نائب برلماني 150 ألف ريال
- فاعل خير 300 ألف ريال
- نقيب المعلمين 500 ألف ريال
- الشيخ محمد علي عامر 600 ألف ريال
- رجل أعمال من تعز مليون ريال
- رجل الأعمال المعروف نبيل الخامري من تعز 1.5 مليون ريال
- رجل اعمال من تعز 2 مليون ريال
- أم العز بن عبدالسلام (إحدى حرائر تعز) 3 مليون ريال
وجدوا في جيبه بعد أن خر شهيداً في (مربع الطغيان المحرم) بقايا بسكويت و علبة عصير كان ينوي تناولها كوجبة غداء في صقيع صنعاء القارس !

يا شارع تعز : لو لم تكن تعز اسمك و دم شهدائها رسمك ( ولكل حي من اسمه نصيب ) لوجب علينا تسميتك بها بطولك الفارع المخترق للعاصمة و المتصل ب (باب اليمن) !

مثل استحالة عودة المولود لبطن والدته يستحيل وقف الثورة السورية أو استيعابها و احتوائها ؛ فكل المؤشرات تدل على أن سوريا قد خرجت من المخاض العسير بمولود ترعرع و نما و شب عن الطوق ؛ إنه شعب عظيم عظيم عظيم سيمضي حتى النهاية و سيفتح الله له من أسباب النصر ما لا نتوقعه.

شهيد مسيرة الحياة - الذي تفطرت قدماه قبل استشهاده بعد تخطيه لعتبة أمانة العاصمة بعد ما يزيد عن 250 كم من المشي على الأقدام - هو عنوان بارز لشعب تحرر من الوصاية لدرجة استثارته حنق السفير الأمريكي الذي يتبنى سياسة بلاده بالدفع نحو تغيير محدود فقط في اليمن  بمراهنته الخاسرة على كون الشعب اليمني لا يزال ضمن طور التدجين و الحجر الأضعف على رقعة الشطرنج الشرق أوسطية !

يا شهيد مسيرة الحياة : ليت شعري كيف سيخلدك التاريخ بعد أن كتبت الخلود لأعقاب قدميك المتقرحتين و من بعدهما نعليك الباليين بدمائك الطاهرة؟!

يا شهيد مسيرة الحياة : كلما طلبت من قلمي أن يكتبك أشار إليك بخشوع يكتنفه الصمت الرهيب الذي ينتهي بصدى وقع أقدامك على الأسفلت يصفع سمع وجودي !

يا كبرياء (حمص) : كأن روح خالد تصول و تجول في أحيائك تعيد الكر و الكر تاركة في كل شبر من ثراك الخصب حقد بندقية و إرهاب دبابة و همجية صاروخ لتبقي أنت حية خالدة ك(خالد)! ...  لا نامت أعين الجبناء !

نام مصممو مشاريع الوصاية على وهم  أن الثورة اليمنية أصبحت تحت السيطرة .. لكنهم استيقظوا على ثورة ثانية رديفة تجتاح المؤسسات تحت شعار (ثورة المجتمع ضد الفساد) !
الطاقة الثورية التي ظنوا أن أدراجهم و أموالهم قد استوعبتها أصبح لها صورتان : صورة ساحات و مظاهرات تؤكد على المحاكمة و صورة اعتصامات و انتفاضات في المؤسسات تطيح بالفاسدين بصورة لم نكن نتخيل حدوثها في أكثر أحلامنا إغراقاً في الخيال!
إنها طاقة يا عشاق العيش على آلام الشعوب!!... طاقة تنتقل من صورة إلى أخرى فقط .

حين تصبح مدن مثل (حمص) و (تعز) أمهاتٍ للثورة فذلك يعني انتصار الثورة ؛ فلا يمكن للأم أن تتخلى عن الحنان لمجرد أن شبيح أو بلطجي يحاول إقناعها بالموت ، ذلك الانحلال الذي يسري في شرايينه و يجتاح خلاياه.

صدقوني .. كنت في الريف .. ريف تعز الجميل .. و سمعت فلاحين بأذنيّ هاتين يسخران و يهزأان بمحاولات الولايات المتحدة و حليفتها السعودية استيعاب الثورة اليمنية و الحد من نجاحها من خلال دعمهم المفضوح لشرذمة من رعاع المجتمع يجعلونهم أداة لخلق توازن قوى بين طرفين متشاكسين ، مظللين شعوبهم بأن هؤلاء الرعاع يمثلون نصف اليمنيين !!!! - لم أكن أتوقع أن أساتذة علوم سياسية سعوديين لديهم جُرأة على الافتراء لهذا الحد الذي جعل الفلاحين يضحكان و هما يصوران اليمن كمارد يخاف آل سعود من استيقاظه ، كما لم أتوقع أن تتعلق أمريكا بشماعة القاعدة إلى درجة إثارة السخرية عند هذين الفلاحين و هما يوجهان لي سؤالاً : هل اختلط الأمر على أمريكا بين القاعدة (اسم مديرية في محافظة إب)و الإرهابيين الذين تبحث عنهم تحت هذا الاسم !
ما معنى أن يتندر فلاحان من أعماق الريف بهذه السياسة التي يظن أهلها أنهم يخدعون بها اليمنيين؟!!!

بالنسبة لي ، من الواضح أن وسيلة دول الوصاية لإعاقة الحسم الثوري (على طريقة سيف ديموقلوس) هو خلق وضع عسكري في أمانة العاصمة و محيطهاعلى نحو يهدد – عملياً – بإمكانية قيام الديكتاتور اليمني و أسرته بارتكاب مجزرة بشعة بحق مواطني الأمانة تكون ثمناً لابد منه لسقوط عرشه.. و الوسيلة الثانية هي ضرب حصار سياسي و اقتصادي على أي حكومة منبثقة عن حسم ثوري يؤدي لتشرذم اليمن – الفقير ابتداء – و صوملته  مما يسهل التدخل بعد ذلك لتشكيله حسب الرغبة الخارجية ... و من الواضح أن السياسيين من قادة الثورة يتعاملون مع الخارج على هذا الأساس الذي بدت خطوطه واضحة حين رفض المجتمع الدولي – ربما استجابة للرغبة السعودية و الأمريكية – الاعتراف بالمجلس الانتقالي الذي اقترحته المعارضة قبل أن تتخلى عنه
( و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ) .

حسب تحليلي الشخصي لم يكن تصريح السفير الأمريكي حول مسيرة الحياة مجرد حالة من النزق المعزول عن سياسة بلاده تجاه الثورة القائم على مبدأ التغيير الطفيف ، بالعكس لقد كان خير خادم لبلاده بذلك التصريح الذي يظهره كما لو كان مجرد بلطجي تابع ليحيى الراعي ، فقد كان هدفه من ذلك التصريح توجيه رسالة لشبكة البلاطجة من عسكريين و مدنيين و كأنه يقول لهم :( لن أترككم يا أصدقائي فإن كانت تعز تحالفت مع صنعاء ضدكم فما بالكم بأمريكا ؟!)
لقد كان لمسيرة الحياة و نهايتها المليونية صدى واقعيً و إعلامي نشطت به الدورة الدموية للثورة و تم رفدها بروافد جديدة ، و كان غير مستبعد سقوط النظام فجأة .. و هنا يبرز الدور الخبيث للسفير الأمريكي .

لماذا يتسابق البعض لتبرير و تجميل وجه أمريكا كلما صرح أحد مسؤوليها بتصريح يتسم بالوضوح؟
يا هؤلاء (جيرالد فايرلستاين) ليس (عبده الجندي)

 في الشام و اليمن : من سيوقف الشلال النازل بضراوة ليمنعه من الوصال الحتمي بوديان ظمئنا الروحي و القلبي و العقلي و الجسدي للحرية؟!
إنه لا يعبأ بصخوركم التي تضعونها في طريقه !
يا أطفالاً بلا براءة ! كفوا عن ألعابكم المملة قبل أن يجرفكم الطوفان !

هناك 4 تعليقات:

  1. عمق حرفك روى بتلات فكري ...

    خواطرك أخي أحمد ...حلقت بأجنحة من وعي ...لهذا أقول ... مشروع مفكر أنت و لا شك ...

    طابت معالم الروح لبوحك ...لك و لليمن السعيد وسوريا باقات فرح و حرية ....

    ردحذف
  2. بالتوفيق والسداد
    تحيتي ومودتي

    ردحذف
  3. منذ أمد لم نجدك هاهنا ...ارجوا ان تكون بخير .

    ردحذف
  4. تحياتي لكم
    الأستاذة ولاء
    شكراً لك و لكل من افتقدني من رواد المدونة المحترمين .. و بخصوص الغياب أقول أن ذلك يعود لكوني معلماً في الريف ( حيث لا نت ) و لكن هناك حلول لهذه المشكلة تتمثل بعروض بعض شركات الإتصال لدينا .. لكن هذه الحلول لا تزال تتسم بعدم مناسبتها من حيث الأسعار .. و مع تجدد و تنوع العروض سنحدد الوسيلة التي تجعلنا نرتاد النت بانتظام .. لك و لكل إخواني و أخواتي خالص تقديري.

    ردحذف

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))