الأربعاء، مايو 28، 2014

زاوية الفراغ! قصة قصيرة


روى المعلم (فارع) ما عاينه بنفسه ذلك اليوم قائلا:
 
الطالب (شائف) دخل قاعة الاختبار، واستلم ورقة الأسئلة، وجلس نهاية القاعة في الزاوية اليمنى.

وكمعظم الطلاب "هنا"؛ لاحظت التلازم الشرطي بين جلوسه على المقعد وبداية الدوران الآلي المتوتر العشوائي غير المنظم للرأس على الجذع يمينا ويسارا وإلى الخلف وبدرجات متفاوتة تصل إلى 360 درجة!

الطالب شائف كان يرى في الطالب (حامد)  الذي يجلس في الزاوية المقابلة نهاية الفصل فرصة لا تعوض! لدرجة شعورك أنه يرغب بالقفز عليه ونهش لحمه!

الطالب شائف لم يكلف نفسه مجرد النظر إلى ورقة الاختبار، ولا حتى من باب استقبال ضيف ثقيل غير مرغوب به!

الطالب شائف ظل يدير رأسه بعصبية باتجاه الطالب حامد طيلة فترة الاختبار، رغم منعي المتكرر له ولكل طلاب اللجنة؛ حيث لا يمكن للمرء "هنا" أن يعمل محاضر غش لكل الطلاب! فكل ما يمكن عمله هو أن تصادر ما ظهر من الكتب والدفاتر "رحم الله زمن البراشيم" وأن تكرر معتدلا أوامر نمطية مثل [اهدؤوا - يافلان انظر إلى ورقتك - يا علان لا تلتفت - ياجماعة خفضوا أصواتكم] .

لكن الطالب شائف كان يلتفت بعصبية في الدقيقة مرتين تقريبا، بطريقة ذكرتني بالمذيع المرحوم حسين عقبات الذي كان يقرأ نشرة الأخبار في التلفزيون اليمني الرسمي حين كان يحرك عقيرته وكتلة رأسه بين الورق (كانوا يقرؤون من الورق) وعدسة التصوير بطريقة حادة ومتكررة مع فارق الاستدارة 90 درجة للطالب شائف باتجاه الزاوية!

كانت عبارتي المتكررة للطالب شائف "يا شائف لا تلتفت" مجرد نقرة على أيقونة من لوحة مفاتيح وعيه تجعله يلتفت بعصبية نحو ورقته لمدة عشر أو عشرين ثانية تقريبا، ليستأنف الالتفات من جديد نحو زميله في الزاوية المقابلة مجتهدا في محاولة لفت انتباهه كل مرة خاصة أن الطالب حامد لم يكن يعيره اهتماما،
ربما نتيجة للمسافة الكبيرة بينهما .

ورغم أن الطالب حامد سلم ورقة إجابته ورحل إلا أن الطالب شائف لم يكف عن الالتفات للزاوية التي كان يجلس فيها زميله! رغم تنبيهي له بأن زميله قد خرج وأن الزاوية أصبحت فارغة والقاعة شبه فارغة! مع التنويه إلى أن الزمن الفاصل بين الالتفاتة والالتفاتة تصاعد بالتوازي مع تثاقل تدريجي للرأس الذي توقف تماما عن الحركة في مشهد مثير للشفقة!

لم ينس الطالب شائف بعد تسليمه لورقة الإجابة وقبل خروجه من القاعة أن يلقي نظرة غامضة نحو الزاوية التي كان يجلس فيها الطالب حامد رغم أن القاعة فرغت إلا من طالبين فقط !!

هناك تعليق واحد:

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))