الجمعة، يوليو 16، 2010

ديمقراطية ( أناكوندا وادي الموت )


غزة هناك دامية و سجينة كيمامة في قفص.

أثخنوها جراحا عميقة بطعناتهم البشعة و تركوها على صوت شلال من دماء صغارها و أطبقو على رغباتها المذهلة في الحياة بتماسيح حصارهم الضارية.

إنهم يمعنون بعناد عجيب في السعي الدائم على محو فطرتها و قمع مواهب التشبث بأحلامها الفريدة و مفاهيمها الخاصة عن الأشياء.

إنهم يتكالبون على إحراق لوحات عشقها للحرية و الكرامة و الاستقلال و يكابدون مشقة حمل كم هائل من الكراهية تجاه إبائها الفذ.

لا يستحون بل يجدون متعة عظيمة في مشاهدتها تموت نزفا و سغبا و سقما في قلب الخارطة على مرأى و مسمع من مليارات البشر.. الدول والحكومات.. الديانات والدساتير..القوانين و الشرائع.. الحقوق و الحريات.. الأنظمة و اللوائح.. المنظمات و الهيئات.. الاتحادات و النقابات..المعاهد و الجامعات.. مراكز الأبحاث.. المكتشفات و المخترعات.. الحضارات و الثقافات.. العلوم و الفلسفات.. الآداب و الفنون.. الحاسوب و الإنترنت.. المحطات الفضائية..تقنيات الإتصال.. و الطفرات المذهلة في كل الاتجاهات.

لا يستحون!! بل يتلذذون و هم ينظرون لناسها تحتضر مثل نحل في قارورة موصدة يلهو بها طفل.

لا يستحون!! و هم يخنقون غزة في الشارع الرئيس لتاريخ و جغرافيا القرية الكونية و يقذفون بأختها الكبرى الضفة الغربية خلف جدار فاصل عجيب و غريب مضحك و مبكي.

جدار فاصل في الألفية الثالثة ؟!!!!

يا علماء التاريخ و الجغرافيا

يا أهل المنطق و الفلسفة

يا خبراء التطور الإنساني

يا جهابذة الأنثروبولوجيا

يا عباقرة القانون

إنه جدار فاصل في القرن الواحد و العشرين مول بناءه راعي البقر الثاني و الأربعين و لم يكن أثرا من العصر الحجري ؟!

هل ضللتم في متاهات البحث عن إجابة تطفئ لهيب العقل ؟!

أم لم تتجشموا تعب التساؤل خوفا من لوبي ذبحتم الحقيقة قربانا له ؟!

هل حقا أن ذئبة لقيطة لعصابات المافيا شرق المتوسط تتبول على ما يسمى الشرعية الدولية منذ ستين سنة وتدوس باحتقار قرارت أممية ؟!

قبل ستين عاما حدد الغرب جزءا من فلسطين وطنا لأهلها ثم اندفع هذا الغرب نفسه يعبد دويلة المافيا التي صنعها كعجل السامري.

غزة اليوم بين فكي القتل و الحصار و أختها تمزقت بسرطان الاستيطان و معتقلات دايتون و سوس تنخر باستمرار في مدينة القدس !

الغرب هو الذي أطلق قبل ستين عاما على كيان المافيا وصف الإحتلال.

اليوم ما كان يسميه الغرب مقاومة يطلب منا استكبارا أن ندعوها الإرهاب !

أما عصابات المافيا فهي واحة الديمقراطية في رمضاء الشرق الأوسط !

قمتم بأكبر عملية قلب لحقائق التاريخ ليكون لذئبتكم المدللة كيان و تطلبون منا اليوم أن نقبل بكونها فوق القوانين و الشرائع و المحاسبة !!

ألا تتصفون بكل ما وصفتم به الشيوعية و النارية و الفاشية من صفات ؟!

أنا موقن تماما من ذلك مثل يقيني بأن الفلسطيني لم يقترف سوى حقين :
الأول: مقاومة المحتل .
الثاني: ركوب قطار بوش الابن !

و لهذا القطار حكاية طريفة سأرويها كما فهمتها :




[ قام بوش الصبي بإعلان انطلاق قطار الديمقراطية .. ذلك القطار المكلف بحمل عدة و عتاد حفلات تدشين الديمقراطية في عدد من المحطات.. و فعلا مضى القطار ليصل رام الله ملطخا بالدم و البارود و الأشلاء و الطائفية و العرقية و الفتن العمياء و مع ذلك استقبله الفلسطينيون بحفاوة بالغة و بعد وصوله تم الإعلان عن الحفلة الكبيرة التي سيتم فيها زفاف ( الناخب الفلسطيني ) لعروسه التي اقترحها بوش ( الديمقراطيةالحرة ) .



جلبت ( كونداليزا رايس ) أدوات الحفلة من أرقى كوافير الإتحاد الإوروبي.. و تم تجهيز العروس و كتابة الكتاب و أخذ تواقيع الشهود و كان على رأسهم ( المسترجيمي ) .



اندفع الناخب يزف عروسه نحو غرفة الاقتراع حتى اختفى خلف الستار ليباشرها بكل سرية و حرية!



امتعضت كونداليزا - التي كانت تتابع الحفلة - حين أيقنت أن الناخب قد تجرد للديمقراطية ! و فعل ما يحلو له خلف الستار و من ذلك التأشير على المكان الذي يوافق رغبته و امتعضت أكثر حين رأت المستر جيمي
يبتسم و هو يراقب الحفل عن كثب .



البعض ممن رأى امتعاض كونداليزا حمل الأمر على محمل الغيرة من كون الناخب خاض تجربة حب أصيلة مع الديمقراطية عكس ما يفعلون في أمريكا فهذه العلاقة لديهم تفتقر للحب الخالص بسبب رأس المال!



ازداد وجه كونداليزا سوادا إلى سواده فالناخب لازال هناك يستمتع بخياره و لا أحد قد أفسد عليه متعته فهمست لنفسها في غيض :
- تبا تركوه يفعل معها ما يشاء و لم يقوموا بواجبهم إنهم جبناء!



لكن الحسد ملأ قلبها حين رأته يأخذ وقتا كافيا قد يجعلها تحمل !!



و طار لبها حين رأت مؤشرات الحمل فعلا على ملامح العروس فاتصلت كوندا لتعرف أقوال المنجمين عن طبيعة الجنين فقيل لها إن منجمي رام الله يقولون أن المولود ذكر ذو عينين زرقاوين سيدعى (محمودا) في تل أبيب و(عباسا) في الضفة والقطاع!



سكت الغضب عن كوندا لكن المنجمين كذبوا فقد وضعت الديمقراطية طفلة آية في الجمال ذات طلعة هنية و كان المستر جيمي و مرافقيه هناك يباركون المولودة الجميلة.



بلعت كوندا ريقها بصعوبة و هي لا تصدق ما ترى و صرخت حين رأت جيمي يبتسم :
- يا لهذا العجوز الأحمق !!



الغضب استبد بكوندا فدعت لمؤتمر صحفي عاصف قالت فيه :



- الناخب الفلسطيني لم يقدر هدية الرئيس بوش حق قدرها فقد راح يتعاطى معها خلف ذلك الستار بجموح ليشبع رغباته و لم يراع كونها بكر و غريبة عن المنطقة بل باشرها من أول خلوة!!



- يا كوندا هل نسيتِ أن الحفلة كانت برعايتكم و جاءت العروس على قطار بوش ؟ سأل صحفي.



ردت الدكتورة:



- لقد قلنا ل(رام الله) أننا سنتولى تمويل و رعاية هذه الزيجة بشرط أن يتعامل الناخب مع الديمقراطية بمسؤولية و أن يباشرها بحصافة!!



- كيف يباشرها بحصافة ؟! سأل آخر بدهشة.



ردت:



- كان عليه أن لا يتجاوز الخطوط الحمراء.



- و ما هي الخطوط الحمراء يا مسز كوندا فقد كانت الممارسة حرة و نزيهة ؟!



-لقد كتبها (بوش) بنفسه و سلمتها لرام الله قبل الحفلة و لكنها لم تلتزم بها.



- ما هي يا كوندا ؟!



- سأقولها بصراحة فأمريكا علمتنا الشجاعة ؛ كان على الناخب الفلسطيني أن يكتفي بالنظر إلى وجه الديمقراطية الخجول فقط ، أو على الأكثر كان عليه الاقتناع بالتقبيل و المداعبة دون التجرد لها ، و في أسوأ الأحوال كان عليه أن يستمتع بطرق عصرية عدة ، و أن يؤشر بقلمه على أي مكان يريده ، عدا رمز التغيير الذي نعده اختيارا دمويا ، و قد يجعل منها حاملا بجنين(!!!)



التفت صحفي إلى زميله هامسا لدهشة كبيرة :



- قبحها الله هل كانت تريد منه مباشرتها بعمل قوم لوط ؟!!!!!



رد الصحفي باشمئزاز :



- ألم يكن بوش يعلم أن لدى المنطقة العربية كثيرا من الديمقراطيات الشاذة حين قرر زيادة و احدة ؟!!



رد زميله :



- لعله أرادها شاذة و ذكية!



- يا كوندا أليس الحمل ضروريا للديمقراطية ؟!! سأل صحفي.



ردت كوندا:



- لقد قلنا لشركائنا في رام الله ابحثوا عن لقيط حتى لو كان من تل أبيب! و ادفعوه للعروسين و أقنعوهما ليكون ربيبا لكم و لنا! فنحن سنتكفل بمصروفاته و هذا أفضل من الصراخ و الدماء و مشقة الحمل ثم آلام المخاض والنفاس فكما ترون الخيار الثاني إرهاب و دماء! و رام الله تعهدت بمحاربة كل من يريق قطرة دم واحدة.



- ربما لم يجدوا لقيطا فاضطروا لتركهما ؟! قال صحفي.



ردت:



- لا لقد اتصلوا بي و قالوا اطمئني لن يراها ؛ فلدينا عدة لقطاء في رام الله! سنستفيد منهم !



- لكن ما الذي حدث يا كوندا ؟!



أجابت بغضب :



- لقد كان جامحا و متهورا كحيوان إنه مثال للعربي الشهواني الإرهابي لقد أفلت منهم و فعل فعلته التي فعل! و(كارتر) الأبله يصفق!



نهض صحفي آخر سائلا :



- و ما الذي ستفعلونه هل ستجبرونه على الطلاق ؟!!!



- لقد أعلنا للعالم و اتصلنا بحلفائنا و قلنا بالحرف لا نريد أن نرى هذه الطفلة أبدا!!!



نهضت صحفية و سألت:



- هل صحيح ما يشاع في الشرق الأوسط من كونك تخافين من جمالها أم أن الرب أمركِ بكراهيتها - كما تقول الإشاعة الأخرى - لإنها قد تفتن الناس ؟!



- سمعت هذا لكن اسمعي ؛ هذا ليس قراري وحدي ف(نانسي بيلوسي) تشاطرني ذلك مع أنها بيضاء و جميلة وغير متعصبة دينيا
 و الرئيس أكد لنا - أكثر من مرة - أنه رسول من الله !!
 ألا يدل هذا على أن كراهية هذه الطفلة لا علاقة له بالغيرة و إنما لسبب آخر.



- ما هو ؟!!



- تأملوا معي هذه الطفلة تكونت على درب من دماء !! و ولدت ملطخة بالدماء!!



قاطعها صحفي :



- ولادةطبيعية يا مسز كوندا !!!



- نحن نكره الدماء.. نكره الدماء.. نكره الدماء!. صرخت كوندابحنق و هي تلملم أوراقها بعصبية و تغادر المؤتمر ]





أما بعد قررت حكومة امبراطورية رعيان البقر ممثلة ب(بوش الإسفنجة) التي شفطت نفط العرب و (دجاجة تشيني) التي تبيض ذهب العالم المسروق و (رمس فيلد) ذلكم القبر الذي طوى في ذمته آلاف القتلى و (أناكوندا وادي الموت) التي بثت فوضاها الخلاقة للموت في عدة دول.... قرر هؤلاء مع برابرة أوروبا و دويلة المافيا شرق المتوسط و لقطاء رام الله و كلاب الشرق الأوسط البوليسية قرروا جميعاً خوض حرب شرسة خفية و ظاهرة للقضاء على طفلة العرب كونها ليست مجرد طفلة لكنها تمثل بادرة مخيفة لرغبات هائلة دفينة لدى العرب للخروج من قمقم الوصاية و القهر و التسلط و الإذلال النازل عليهم من كل هؤلاء.

لقد شنوا حقدهم الضروس عبر دورات مكوكية مستمرة للكيد و التآمر بدأت بذبحهم للديمقراطية جهرة و بجرأة أصابت منظومة القيم الغربية بتصدعات لم يسبق لها مثيل و أفقدت أمريكا آخر قشة من الصدق في بحر كذب متلاطم فاض خرابا و فسادا و تخلفا و قهرا و جورا و سلبا و نهبا في كل بلاد العرب.

و لا تزال توافيق و تباديل الغطرسة مستمرة و زمر و مصفوفات الطغيان ماضية و تفاضل و تكامل الصراع يزدادان تعقيدا.

و رغم أني لست مفكرا استراتيجيا لكن لستُ بحاجة إلى ذلك لأكون موقنا أن اللهو المستمر بالجرح الفلسطيني و السخرية من حقوقه و إلغاء كيانه كذلك استمرار التسلط على العرب و دعم أنظمة القمع الفاسدة كل هذا سيكون كافيا للتاريخ ليكتب حلا آخر لمعادلة الصراع الحضاري و سيكون العرب و المسلمون العنصر الأساسي لصياغة المستقبل و لو كره الغربيون الذين يهدمون بهمجيتهم أسس قوتهم و تفوقهم و يلجئون الانسانية التي حشروها في زاوية غرورهم و تبعيتهم لليهود إلى البحث عن حاضن آخر يتبناها و هذه هي نقطة القوة الكامنة عندالعرب.

إن كل الخرائب التي ساعدالغربيون بانتشارها ثم حموها في بلادالعرب لا تلغي حقيقة أن العرب قادمون من حطامها بسبب امتلاكهم لتصور شامل محوره الإنسان المؤمن روحا وجسدابعقيدة روحية و شريعة واقعية تقر بحق الأقلية ضمن الأغلبية و تتعايش مع الآخر و الغرب لديه تصور ضيق محوره المادة يدور حولها الإنسان الجسد الملحد وفقا لعقيدة الصراع المادي و شريعة البقاء للأقوى التي تتغير وسائلها فقط.

العرب قادمون لإن لديهم دين تتجلى به سعادة الإنسان بالحق و الخير و الجمال و الحب و الخلود دفعة واحدة .
والغرب راحلون لإن مسكنات حضارتهم لم تفلح في منع شبح الشقاء عن شعوبهم .

ختاما أنوه إلى أن العرب الذين أقصدهم هم الحاملون للإسلام بقيمه الإنسانية الوسطية إنه التيار الذي يزداد رشدا و اتساعا و استعصاء كل يوم جديد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* وادي الموت اسم يُطلق على وادي في كاليفورني
أما أناكوندا فهو اسم لأضخم حية على الاطلاق


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))