الأحد، ديسمبر 11، 2011

محور الشر


كلاهما يدعي تمثيل الإسلام و يريد فرض رؤيته –  لأهداف مشبوهة تتعلق بالسلطة –  على المنطقة !

لكلٍ منهما يد طولى في خلق التعصب الطائفي والمذهبي  في أماكن كثيرة مثل لبنان والعراق وباكستان ومصر واليمن والصومال والبحرين ...

إيران تقول سوريا (الشبيحة) رئة إيران والسعودية تقول يمن (البلاطجة) عمق السعودية

إيران تقول إن نظام سوريا نظام ممانع لخطر اسرائيل ! والسعودية تقول إن نظام اليمن ممانع لخطر القاعدة !

السعودية ترى استقلال شعب اليمن خطر على عرشها وإيران ترى استقلال شعب سوريا خطر على ثورتها

(آيات الله) و (حجج الإسلام) في إيران جعلوا من مقتل الحسين رضي الله عنه مركز منظومتهم العقدية رغم أنهم يدعمون النظام القمعي الاستبدادي التسلطي في سوريا الذي يقتل الشعب العربي السوري المسلم  و كأنهم لا يعلمون أن الحسين كان ثورة ضد الطغيان والظلم!

(خَدَم الحرمين) و (أصحاب السمو) في السعودية جعلوا من وجود البيت الحرام تحت سلطتهم عنواناً لكونهم ورثة الإسلام الشرعيين رغم انهم يدعمون العصابة الإرهابية المجرمة  في اليمن التي قتلت الشعب العربي اليمني المسلم و كأنهم لا يعلمون أن هدم البيت حجراً حجراً أهون عند الله من قتل امرئ مسلم!

إيران تقف ضد الثورة السورية انطلاقاً من حلفها مع نظام يمثل أقلية تنتمي بعلاقة قربى لطائفتهم كمدخل مناسب لاختراق سوريا وما يعنيه ذلك من قمع لشعب ينتمي أكثريته لطائفة معادية - من وجهة نظرهم المتعصبة المتسلطة - في المنطقة المعادية تاريخياً لعقيدتهم الطائفية و مايعنيه قيام نظام ديمقراطي فيها من نشوء قوة جديدة في المنطقة لها شأنها الذي سيعني منافستها و إدارة صراع حقيقي و راشد مع اسرائيل الأمر الذي سيوقف بشكل عملي أكبر مورد مزايدة إعلامية لآيات إبران كانوا ولازالوا يستخدمونه في خداع الجماهير العربية بهدف اختراقها والتسلط عليها بعد ذلك كما هو الحال في لبنان الذي تحدث فيها (حسن نصر الله) بأسف عن النظام السوري حين ذكر أن المساعدات الإيرانية من مال و أسلحة تمر عبر سوريا !.. و كأن سوريا التاريخ أرض بلا شعب و ليست – على حد زعمه – سوى ممر فقط  أو كأن الشعب السوري لا يمتلك الحق في أن يكون هو من يصنع السلاح و ينفق المال في صراع حقيقي – وليس دعائي -  بعيد المدى مع اسرائيل!

السعودية تقف ضد الثورة اليمنية انطلاقاً من < رُهابها > المشهور من الثورة و الديمقراطية و التعددية في كل مكان عامة و في اليمن خاصة التي يقال أن عبد العزيز مؤسس السعودية أوصى – كما يُشاع بقوة – بالحذر من استقرارها لإن ذلك – حسب الفلسفة الوجودية – خطر على المملكة ؛ و إلا فقولوا لي مامعنى أن يعاني شعب عربي مسلم كل صنوف المعاناة وهو على مرمى حجر من أكبر احتياطي للطاقة في المعمورة ، و هل مذهبهم الفقهي يجيز لهم القضاء على شعب برحى الجوع و الفقر و الفساد و القتل و التخلف لكونه يريد الديمقراطية (المحرمة لديهم)؟!

و بغض النظر عن صحة المقولة فلا يشك أحد بوجود قلق عميق و واضح عند آل سعود من استقرار وضع اليمن و تقديمها نموذجاً سياسياً تنموياً يهدد عرش آل سعود بإثارته لإعجاب أشقائهم السعوديين المحرومين من الديمقراطية و من تنمية حقيقية موازية لعشرة ملايين برميل نفط يومياً من شأنها أن تجعلهم ينافسون ألمانيا و اليابان!

 بمعنى آخر سيؤدي النموذج الديمقراطي في اليمن - الذي سيتبعه تنمية شاملة - إلى لفت أنظار إخواننا في السعودية نحو أكبر عملية هدر ونهب في التاريخ يتم فيها قسمة عشرة ملايين برميل نفط يومياً على الأقل بين الأسرة المتحكمة والغرب الحامي لها و يتم ضمن ذلك شغل و إلهاء السعوديين بكل وسائل الرفاهية التي لا تعتمد على بنية اقتصادية حقيقية بقدر ما تعتمد على فتات من عائدات النفط يكفي لشغلهم لتظل الصحراء العربية مجرد صحراء لم تستطع حتى توفير الحماية لنفسها حين تركت ذلك للولايات المتحدة الأمريكية التي تتفق في هذا الموقف من الثورة اليمنية مع وكيلتها السعودية لنفس السبب  ؛ و هو أن تظل آبار النفط بعيدة عن أي جدل تثيره الديمقراطيات التي تسقط فيها الحكومات عادة لاختلاس بسيط من احد الوزراء !

إيران تدعم الثورة اليمنية إعلامياً نكايةً بالسعودية رغم أن الموقف الحقيقي لإيران هو دعم الأقلية الحوثية التي ثبت استخدامها من قِبَل المجرم علي صالح كورقة من أوراق إرباك الثورة و لأن نجاح الثورة اليمنية من وجهة النظر الطائفية تعني حكم الشعب ذي الغالبية السنية نفسه بنفسه و حرمان إيران – وليس حرمان الحوثيين من حقوقهم كأقلية - من فُرَص تصدير الثورة لليمن على الطريقة الإيرانية القائمة على القفز على السلطة والثروة بأي وسيلة و تحت أي شعار !

السعودية تدعم الثورة السورية إعلامياً نكاية بإيران رغم أن الموقف الحقيقي للسعودية هو تنفيذ رغبة الغرب في فك ارتباط نظام سوريا بإيران (كسبب رئيس من أسباب الدعم الغربي القَلِق للثورة السورية)  و ليس نجاح الثورة السورية ،  الذي يعني لآل سعود دعم للديمقراطية المتصادمة مع مبدأ شرعيتها في حكم السعودية كما يعني بداية تكون عملاق حقيقي - لا يمت لسوريا الأسد بشيء – سيكون تأثيره حتمياً على الوضع في السعودية الذي يرغب الغرب بجعله وضعاً خاصاً ضماناً لتدفق النفط (هذا تفسير لعدم اندفاع الغرب لدعم الثورة السورية بالقوة اللازمة لاجتثاث نظام الأسد من جذوره بالإضافة لعامل قربها من إسرائيل و لعل هذا هو سبب وصاية العسكر في مصر على الثورة)

  كما أن نجاح الثورة السورية التام يعني احتمالاً قوياً لنشوء محور يتكون من سوريا مع تركيا ومصر كمركز قائد للعالم الإسلامي ينزع عن آل سعود لعب هذا الدور الذي تلعبه بطريقة يجعلها مركز خدمات (لوجيستي) للولايات المتحدة و أوروبا فقط بمقابل حماية العرش و مغالطة الأمة بخدمة الحرمين!

ألا يعلم (آيات الله) في إيران وجامعة المُهَل العربية أن جيل سوريا الحاضر لم يعد مؤمناً بالعيش إلا في ظل نظام ديمقراطي تعددي يكفل كل الحقوق لكل المواطنين و قد دفع ثمن ذلك نهراً من الدم الطاهر سيظل يتدفق حتى يُغْرق المجتمع الدولي بحقيقة الشعب العظيم الذي جاء بكل عمقه التاريخي و القيمي مهولاً جباراً يعلن مع مرور كل ساعة استعصاء ثورته على الحلول الوسطى و الخطوط الحمراء و سياسة الاحتواء لتكون الثورة العربية الكبرى التي لم تكن الثورات قبلها غير مقدمات لها؟!

ألا يعلم (خَدَم الحرمين) في السعودية و من لفّ لفهم  أن اليمنيين اليوم ليسوا مقتنعين بحياة ذاقوا مرارتها لعشرات السنين حين لم تكن هذه الحياة غير صدقة ناتجة من وصاية لئيمة لآل سعود عليهم ، و ان الشعب اليمني يعلم كيف يرتب بيته بنفسه ويعلم واجباته تجاه غيره تماماً بتعاون إيجابي يضمن الحصانة من الطغيان للشعب اليمني و ليس وصاية تضمن البقاء لعصابة إجرامية تضمن سفك مزيد من الدماء لمن يستمتع برؤية الدم اليمني يُراق باستمرار ، و أن هذا الشعب بما أظهر من قدرة فائقة على الصبر و الحكمة أمام الرصاص لديه القدرة للسير بثورته لتكون خالصة من كل شائبة داحراً كل من لا يزال يفكر أن بإمكانه التصرف بمسار الثورة لمجرد فقر الشعب اليمني أمام ثرائه الفاحش و لا يعلم أن هذا الشعب لا يقل عن شقيقه السوري عظمة و لن يتراجع عن هدفه النهائي مهما بدا للآخرين عكس ذلك منخدعاً بحكمة اليمنيين و صبرهم الذي لا يعدو أن يكون غير سلاح فتاك سيفكك ما تبقى من ثغرات العمالة لكارهي اليمن ، طال الزمن أم قصر و سيرى الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون؟!

الا يعلم هذان النظامان أن العرب يمرون في مرحلة تاريخية ناتجة عن عوامل داخلية متراكمة و خارجية تتعلق بأزمة الرأسمالية في أمريكا و أوروبا و الصراع الاقتصادي بين الكبار ، و أن عجلة السنة الربانية في التغيير قد دارت ، وهما يحاولان الإبقاء – مثل أبلهين – على العادات  القديمة لحليمة الزعيمة؟!

متى سيكف هذان النظامان الشاذان عن التدخل بشؤون الآخرين في المنطقة العربية و الإسلامية و في تقديم الخدمات للقوى الدولية ولإسرائيل عبر تقديم صورتين متناقضتين مشوهتين للإسلام تهدفان من ورائهما للحفاظ على العروش فقط وما يتبع ذلك من ممارسات و تدخلات تجعل هذه المنطقة رهناً للقلاقل و الأزمات؟!

ليرحل هذان النظامان مع الضلع الثالث في محور الشر الذي هو (شعب الله المختار).... ليرحلوا عن عالمنا لتعود للعرب و للمسلمين كرامتهم واستقلالهم وحريتهم و دورهم البناء في صياغة رؤيتهم الوسطية للإسلام الذي هو الرحمة للعالمين.

ليرحلوا فآيات الله محفوظة في كتابه و الكعبة المكرمة لها رب يحميها و الكل عيال الله !!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(تنويه1 : أرجو أن أكون جاهلاً بتغيير استراتيجي حدث - لم أعلمه - في أروقة السياسة السعودية تجاه اليمن بدعم التغيير الذي يحدث الآن باتجاه تقرير المصير نحو الديمقراطية والعدالة و دولة القانون والمؤسسات) 
(تنويه2 : الحديث السابق عن إيران و السعودية كان عن الأنظمة الحاكمة و ليس الشعوب)
(تنويه3 : البحرين حكمها من وجهة نظري - كمسلم عربي سني - حكم بقية بلدان الربيع العربي .. فما قلته عن إيران في سوريا ينطبق على السعودية في البحرين)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))