الأحد، ديسمبر 11، 2011

عند نهرٍ سَرْمَد

عند نهرٍ سرمد

الإهداء : إلى (أخي) و حبيبي القادم من بطحاء الدماء و الدموع  وارفاً مخضوضراً ملء الأفق المعشاب

يا بقايا تعفنت في زقاقِ
إن أربابَ ربِّكم منه أنكدْ !

هم شذوذٌ من الأذى و الشقاقِ
و هجينٌ من الخَنا و التَّشَدُّدْ

هم مُسوخٌ تحدرت من إباقِ
تتمارى و تزدري و تُعرْبِدْ

يالَقَهْرٍ لقيتُهُ ، و ألاقي
في براري هجيرهم ، دون مُنْجِدْ !

هم أباحوا سكينتي و وِفَاقي
لِمَريدٍ جهنميٍّ ألَنْدَدْ(1)

و قَلَوْني لِفَتْكِهِ دون وَاقِ !
فأراني من الردى كلَّ مَشْهَدْ

غير أني فَجَأتُهُمْ كالخُنَاقِ(2)
من بطاح امتهانهم عُدْتُ أجْلَدْ

هاهم اليومَ في كظيم انغلاقِ
و خلايا غرورهم تَتَبَلّدْ

أنا حُرٌّ ؛ و ما دخان اختناقي
غيرُ وَهمٍ - من اختراعي – تبددْ !

أنا حُرٌّ و قد حَلَلْتُ وثاقي
من فؤادي ، و إن زحفتُ مُقَيّدْ

لن يطالوا - و إن كرهتم - خَلاقي
من شعورٍ على جُموحي تَجَسّدْ

يا بعوضاً بساجيات انعتاقي
اسألوا عن حتوفكم كل مَرْصَدْ !

افهموني !.. لقد تلاشى نطاقي
ما لِنوري إلى الفتوحات من حَدْ !

***********

أنا يطغى - كما الجنون - احتراقي
لِبَرودٍ ، بزمزم القلب مُبعَدْ !

هو ظِلٌ على لهيبِ انسياقي
لاخضرارٍ بمهجتي يتجددْ !

هو حُرٌّ ؛ و ذاك سهمُ اختراقي
و كبيرٌ ، بِجوف صدري تنهّدْ

و أصيلٌ ، بهِ.. إليهِ انشقاقي
و جزيلٌ ، على مِزاجي مُعَدّدْ

و ذَكيٌّ ؛ يَنُثُّ عِطْرَ انفتاقي
و أبيٌّ ، بأرجواني تورّدْ

وأديبٌ ؛ و ذاك نَخْبُ التّسَاقي
بضفافٍ ، من الشرايين ، تُولدْ

وكؤوسٍ من الأماني ، عِتاقِ
و فضاءٍ ، من الأحاسيس ، يمتدْ

و نديمٍ ، يُشعُّ منه ائتلاقي
و زماني بِسِحْرِ عينيهِ يخمدْ

***********

أنتَ مائي و منبعي وانبثاقي
أنت روحي ، على خُمولي تمردْ

أنت خيلي و مركبي و بُراقي
بسماوات فطرتي راح يصعدْ

أنت دِرعي و مَشْرَفيُّ امتشاقي
بميادين فكرتي ليس يُغْمَدْ

أنت أهلي و عُصبتي و رفاقي
أنت لألاءُ جوهري و الزَّبَرْجَدْ

و اصْطِبَاحي من الهوى و اغْتباقي
بأفانين وَبْلِهِ أتزودْ

***********

أنت بدرٌ مسافرٌ في محاقي
واشتعالٌ ، على فتيلي تولّدْ

أنت وصلٌ مرادفٌ للفراقِ
وفقيدٌ ، بنابض الكَلْمِ يوجدْ

أنت دربٌ مواكبٌ لانطلاقي
و غيابٌ ، على وجودي تمددْ

أنت كأسٌ لذيذةٌ من دِهاقي
و انسكابٌ بِقَاعِ نفسي يُزَغْرِدْ

أنت روحٌ مُجَسَّدٌ في سياقِ
أنت جِسْمٌ من المعاني ، مُجَرّدْ

و مِدَادٌ على طُرُوسِ المراقي
لمدارٍ بغيب روحي تَوقّدْ

أنت فِكْرٌ ، كفاتناتِ المآقي
يتوالى على ضميري مُسَدّدْ

كلماتٌ مسوقةٌ باتِّسَاقِ
مثل لحنٍ ، على اشتهائي ، تَرَدَّدْ

وحروفٌ ، لها انسجام السواقي
وانسيابٌ من اللُّجَيْنِ المُعَسْجَدْ

يتلاقى على حسيس العناقِ
نغماتٍ من الحنين المؤبدْ

يتسامى يصوغُ سِحْرَ التلاقي
عند نهرٍ من التسابيح سَرْمَدْ

***********

يا لئاماً تمتعتْ بانسحاقي
إن مرسوم نزعكم قد تَعَمّدْ

بدمائي سأرتقي للتراقي
لِتَرَوا – من فنونكم - كلّ أسودْ !

و سأسعى على حطام النفاقِ
لِصَباحٍ ، من الطموحات أغْيَدْ

لن تمسوا – بإذن ربي – اشتياقي
لانهمارٍ من الوصال المُخَلَّدْ

ذاك عشقٌ بقوة الله باقِ
عبقريٌ ، وفائقُ الكُنْهِ ، مُفْرَدْ

عَنْدَلِيبٌ يَرودُ سبعَ الطباقِ
وهَزَارٌ على النواميس غَرّدْ


(1)ألندد : شديد الخصومة شحيح
(2)الخناق : مرض يصيب الحَلق

هناك تعليق واحد:

  1. إهداء جميل وراقي جدا أتمنى لكما التوفيق والحياة المديدة

    ردحذف

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))