الجمعة، أغسطس 02، 2013

حمار وبشر (قصة قصيرة)



رغم تلك المناظر الخلابة على جانبي الطريق إلا أن السائق الثمل للسيارة التي أقلتني لم يكن يشعر بذلك وهو يقود بجنون ؛ لا هو و لا أولائك الركاب (الذين كان صراخهم المزعج وهم يتجادلون بعنف يسوط وجودي بقسوة ويشير لمدى غلظتهم كأنهم شبيحة عادوا للتو
من قتل متظاهرين) حين ألقيت برأسي إلى الخلف وألصقت وجهي بزجاج النافذة وصببت خلاصة إدراكي في جوف طائر محلق على سهوب الجمال الأخضر وحبات المطر اللطيفة توشوش لروحي الهائمة من خلال زجاج النافذة فذلك وحده فقط هو الذي أنقذني من الألم الغاشم الذي لاك قلبي بخبث وجعلني أغمض عيني هاربا إلى أروقة الذات من السجائر والأحاديث الطافحة بالقذارة أتلهف بحثا عن إكسير يخفف هلع فؤادي لدرجة تعاطفي مع حمار تخيلته فجأة (كإجراء وقائي ابتكره عقلي) وألقيت بنفسي عليه مالئا رئتي بالهواء شاعرا بالشكر الجزيل له وهو يحدثني بمرح محاولا تسليتي:
هم يدخنون ودابتهم الغبية تدخن ويتهمونك بالحماقة؟!
ثق بي ياصديقي أنت لست أحمقا
أتدري لم اتهموك بالحماقة؟!
لأنك مثلي ؛ إحساسك أخضر صديق الحياة الخضراء!
وهم أعداؤها بطباعهم الحديدية ودابتهم الحديدية و دخانهم القاتل !
ضحكت من أعماقي وقلت في نفسي وأنا أقطع كل صلة شعورية بمن معي من الركاب :
 حمار افتراضي يحييك خير من بشر واقعيين يقتلونك!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))