الخميس، نوفمبر 28، 2013

الأمن الرأسمالي والأمن الإنساني


 


بعد إفلاس مدينة "ديترويت" قامت بلدية المدينة بتخفيض عدد رجال الشرطة فيها بنسبة كبيرة .. "الآن - تقول امرأة من سكان المدينة - لا أستطيع الخروج بدون سلاح خوفا من العصابات ! وهناك أحياء تنتشر فيها العصابات لدرجة أن دخولها مخاطرة" المصدر/الجزيرة الوثائقية


الاستقرار في أمريكا ليس مبنيا على فضائل أخلاقية بل على فضائل رأسمالية؛ فإذا تعرض رأس المال لأزمات بدأت هذه الفضائل بالتلاشي وظهرت من تحت السطح بوادر الرذائل الكامنة ..


في الشرق لا يوجد رأسمال ولا دول حقيقية ولا زال الناس يعيشون في أمن نسبي عالة على بنية عميقة من القيم الأخلاقية والشعور الديني في لاوعي أغلبية الناس ..


إذا انهارت الرأسمالية في الولايات المتحدة سيفقد الأمن الداخلي سيطرته على عصابات الإجرام وقد تقع البلاد تحت سيطرتهم وسيهاجر الملايين من الناس لانعدام السبب الذي ربطهم بهذه البلاد يوما ما ..


كم من الجرائم تحدث حين ينقطع التيار الكهربائي في نيويورك "مثلا"؟! ..

هناك إحصائية أذكرها من ثمانينات القرن الفائت تذكر أن أكثر من مائة ألفجريمة هي الجرائم التي تم تسجيلها في أقسام الشرطة فقط من كل الجرائم التي وقعت خلال ست ساعات من انقطاع التيار في نيويورك !!


لماذا لا يحدث مثل هذا الإجرام والتيار ينقطع باستمرار في صنعاء "مثلا" أو "تعز" أو "عدن" ؟!


لاشك أن الإنسان يختلف من حيث البنية الفكرية والنفسية ؛ فهناك قطاعات واسعة في الغرب لا يؤمنون بالثواب والعقاب الرباني ، هذا إن كانوا غير ملحدين .. بمعنى آخر؛ هؤلاء بلا"ضمير" وهم حين يبدون مستقيمين إنما يخافون من قوة وسطوة الدولة؛ وحين يلاحظون ثغرة في القانون ولا يوجد شهود فلا يتورعون عن القتل أو الإجرام .. أما في الشرق الإسلامي فهذه القطاعات موجودة لكن نسبتها ضئيلة ، كما توجد نسبة كبيرة تستمرئ الفساد المالي السياسي وهي التي تمثل العمق الشعبي للطبقة السياسية الحاكمة المنحلة العميلة للغرب نفسه .. أما أغلب الناس فهم يمثلون حائط الصد الأخلاقي الديني الذي يحول دون وقوع هذه الشعوب في براثن عصابات الإجرام "سواء من القلة القليلة من المجرمين منعدمي الضمير أو من الطبقة الاستبدادية الحاكمة التي لا تستطيع نقل إجرامها بحق المعارضين إلى المجتمع ليكون إجراما مجتمعيا لوجود هذا الحائط"


المقارنة بسيطة؛ هناك دولة رأسمالية وهنا لا وجود لدولة بمعايير العصر ..

هناك قطاع كبير بلا ضمير وهنا أغلبية ذات ضمير ديني ..


هناك نسبة كبيرة تنتظر غفلة الأمن لتعيث قتلا ونهبا "في فيضان خليج المكسيك ونهر المسيسبي على مدينة نيوأورلينز تم اغتصاب النساء في الملاعب التي اتخذت كملاجئ وقامت الشرطة بنهب المحلات حتى نهبوا - قال صحفي سريلانكي - طعام الكلاب المعلب"


هنا نسبة صغيرة تستغل انعدام الدولة - أو الدولة الفاسدة المدعومة من الغرب - لتقوم بعملياتها الإجرامية التي تتسم غالبا بعدم الوحشية ويكون أحيانا الفقر هو دافعها الأول ..


الخلاصة : بلادنا الإسلامية تعتمد على ضمير لا شعوري من القيم الروحية وتحتاج لدول قوية وغير فاسدة كي تتعزز فيها القيم الروحية للوصول لتجربة فريدة ورائدة وعميقة في الأمن والاستقرار سيستفيد منها كل البشر ..


في الغرب امبراطوريات رأسمالية تقتل بقية الشعوب وتنهب ثرواتهم لتضمن لنفسها الاستقرار المطلوب بقوة الدولة العسكرية والمادية ..


أي:

الشرق عنصر قوته القيم الروحية للمجتمع وعنصر الدولة والمال عناصر مكملة لصنع تجربة رائدة ..


الغرب عنصر قوته القيم المادية المتمثلة بقوة الدولة و رأس المال لذا تضطرهذه الدولة - بتصويت من شعوبها - لقتل ونهب الشعوب لتعزيز قيمها المادية الضامنة للاستقرار الظاهري فقط ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))