الاثنين، مارس 03، 2014

الفناء والخلود 2



من الفوارق بين حياتنا على الأرض وحياة الخلود:

- عدم وجود أيام في دار الخلود؛ ولذلك سمي يوم القيامة باليوم الآخر "بكسر الخاء"، وهذا دليل على كونه آخر يوم بعد أيام الحياة الدنيا على الأرض الناتجة عن دوران الأرض حول نفسها أمام الشمس، أما دار الخلود ففيها نور ثابت.

- لا يوجد زمن في العدم ولا في الوجود الكامل؛ لأن الزمن ناتج عن الوجود الناقص/الفاني؛ فمخلوقات الدنيا زمنية لأن زمنيتها تعني نقصانها/فناءها؛ ولذلك فالزمن هنا هو - إن تأملت - خاصية تغير وتدهور وفناء الأشياء الناتجة عن نقصانها، وهو غير مستقل بذاته، بل إن وصف آنشتاين للزمن في النظرية النسبية هو في جوهره وصف لطبيعة الأشياء الناقصة/الفانية مرتبطة بحركتها، وحديث علماء الفيزياء (الذين بنوا نظرياتهم على نظرية آنشتاين) عن إمكانية العودة للماضي وعن إمكانية وجود الشيء في مكانين وعن الأبعاد المتعددة للوجود هو وصف لطبيعة الأشياء الكاملة/الخالدة مرتبطة بحركتها؛ ولهذا لا يمكن إثبات هذه النظريات بطبيعة ناقصة فانية، كما أن الزمن (التغير الناتج عن النقص) لا يرتبط بالأشياء ذات الطبيعة الكاملة لأن الزمن هنا ينعدم، فلا يوجد تغير ولا يوجد موت في وعي الإنسان، كما أن الكمال (ثبات الطبيعة) يقتضي الخلود (انعدام الزمن).

وقد وردت نصوص نبوية دالة على هذا؛ كالنص الذي يتحدث عن ذبح الموت
حدثنا ‏ ‏عمر بن حفص بن غياث ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏الأعمش ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو صالح ‏ ‏عن ‏ ‏أبي سعيد الخدري ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يؤتى بالموت كهيئة كبش أملح فينادي مناد يا أهل الجنة فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم ينادي يا أهل النار فيشرئبون وينظرون فيقول هل تعرفون هذا فيقولون نعم هذا الموت وكلهم قد رآه فيذبح ثم يقول يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت ثم قرأ ‏> ‏وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون) .

 وقد قال أكثر علماء الإسلام القدماء بعدم وجود أيام في الجنة
أخرج البزار والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في "البعث" بسند صحيح كما قال السيوطي عن جابر رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله أينام أهل الجنة؟ قال: لا النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون.
قال شيخ الأسلام ابن تيمية - رحمه الله -

(والجنة ليس فيها شمس ولا قمر ولا ليل ولانهار لكن تعرف البكرة والعشية بنور يظهر من قبل العرش)


الكمال والنقصان مرتبطان بطبيعة المادة التي خلقت منها الأشياء؛ فالذرة التي هي وحدة خلق الدنيا المادية ذات طبيعة ناقصة/فانية.

ختاما، يبدو أن استخدام الإنسان ل10% فقط من دماغه (كما أثبتت الأبحاث) يشير إلى علاقة محتملة بين تفعيل ال90% من خلايا الدماغ والحياة الكاملة الخالدة في الآخرة.. فهناك علاقة وثيقة - فيما يبدو - بين الزمن والفناء وتكوين خلايا الجزء الفعال من الدماغ ؛ وبالمقابل هناك علاقة وثيقة بين الكمال والخلود والجزء غير الفعال من الدماغ، والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))