الجمعة، أبريل 30، 2010

خمس آهات للعرب

(من أين يأتينا الألم ؟!
من أين يأتينا ؟!
آخى رؤانا من قدم
ورعى قوافينا)
كتبت نازك قبل أكثر من ستين عاماً بعنوان (خمس أغانٍ للألم).

أقول: لقد آن الأوان لنجعل من الألم شيئاً له مغزى .

(1)

سأقول شيئا ذا مغزى!
إنه شيء مختلف،
أرجوكم لا تذهبوا،
توقفوا هنيهات،
لا يخطفنكم الضجر،
عند الأسطر الأولى،
من هيجان البوح.


الضجر..!
ذلكم القرصان،
الذي يكمن ببراعة،
عند مفارق الشجن،
يقطع عن الراحلين،
-نحو مدائن للحب-
دروب نجاواهم،
يهرق حنينهم،
للحبوروالسعادة،
يحاصر أشواقهم،
للغريب المغرد،
على دوح الانتماء..
يقيد أشواقهم،
لليمام المترنم،
على أفنان العفة..
والشقيق المتراقص،
على خفقان الروح!


الحبور..!
ذلكم الجيشان،
الذي افتقدوه طويلا،
ولم يجدوا أثره،
وهم يكابدون البحث،
على طول نزقهم،
قبل أن يؤمنوا،
-ذات طقس هادئ-
أن لا وجود للحبور،
إلا حيث صمموا،
أن يحزموا قلوبهم،
ويشدوا جراحهم،
إلى بقاعه الطاهرة،
ودياره المحرمة،
في قلوب أحبائهم.


أرجوكم توقفوا،
لا يخطفنكم القلق،
حيث لا ينفك أبدا،
يفتك بالكينونة،
مثل (فيروس شبكي)،
ينشر الإرباك،
مفسدا ما يجده،
من إعدادات الأمل،
وبرامج للتوق،
والنوايا الحسنة.

توقفوا قليلا،
لا تنفروا استكبارا،
عند أول شؤبوب،
من مداد مشاعري..!


(سامحكم الله! سأعرض عليكم، بنات فؤادي! وليس مخلفات، وأشياء قذرة، من مقلب قمامة!)


الكبر..!
ذلكم الطغيان،
الذي يقيم هناك،
على قارعة الحياة،
لا يكل ولا يمل،
يرفع جدرانا،
وفواصل وحواجز،
ليقمع بهمجية،
- كأنه صهيوني -
الصدور والورود،
لذبذبات الحقيقة!
إذ تمنح الحياة،
لحنها الإنساني،
وهي تغدو وتروح،
في وطنها الطبيعي،
من القلب إلى القلب.


مهلا يا أصدقاء،
فما لدي مختلف!
عليكم أن تفرغوا،
ما تبقى لديكم،
من برد التروي،
على جمرات العجل،
والوخزات الدامية،
لسعدان القنوط،
الأمار بالخراب.


إنكم إن مررتم،
لا تلوون على شيء،
سأجدني وحيدا،
إلا من الخيبة،
وشتائم قاسية،
تجرعت علقمها،
وبقايا شرر،
تطاير من قرفكم،
وأسير مقيد،
يتحفز للخلاص،
من وطأة الكتمان.


أنصتوا بلا ادعاء،
قفوا دون تملص،
فما سأقوله لكم،
مثير ومختلف،
صدقوني...!
أنا أحسست بذلك..
هناك نبع انتشاء،
يتفجر من كنهه،
إنه غير مزيف،
ليس من هذا العصر!
له مذاق مسكر،
يتغلغل في الأعماق،
يبذرها يقينا،
بأن خسرنا الأكبر،
بدأ حين انفلتنا،
على منحدر زلق،
من أكاذيب عصرنا،
صوب هوة سحيقة،
من الشقاء والألم.


بالله عليكم مهلا!
سأخبركم بالأمر،
إنه شيء مختلف،
هناك ما يشبه السحر،
في لب ذلك الشيء،
يجعلك تحدث نفسك،
أن تصعد قمة جبل،
غير آبه البتة،
ببعد ما ستفعله،
عن منطق الأشخاص،
إذ ترفع عقيرتك،
تنادي بأعلى صوت
( اخرجوا -أيها الناس-!
اخرجوا وامضوا معي،
نحطم الزيف،
وألوان الأكاذيب،
نميط أدناسها،
عن وجه الحياة الطاهر.


ثم نلجئ الحزن،
إماءه وغلمانه،
إلى زقاق ضيق،
لنكشف أوكاره،
ببريق الثنايا،
ونردع اجتراءه،
بصليل الضحكات،
ونكسر كبرياءه،
بصهيل غير مسبوق،
يزغرد ملء الصدور،
يدغدغ طفل الحياة،
ينطلق..كالكتيوشا،
من صميم كل القلوب....

( كفاك -أيها الحزن- لن ندعك -يا قاسي- تعيث في الأرصفة، فسادا بعد اليوم... إن أردت أن تحيا، فدع أحلامنا، لا تلمس أمانينا، لا تشوه الأمكنة، لا تكدر الأزمنة، لا تقترب من ذوينا، لا تفكر بصغارنا، وإن زرت -يا حزن- من حفظنا أطيافهم، بقدس أرواحنا، فبارك وجودهم، بسنا هالة، وشفيف غلالة، من النبل والشرف).


قفوا أعزائي،
لاتفزعوا عني،
سأقول لكم الأمر،
إنه جد مثير،
اقتربوا حنانيكم!
فلو خامر ذلك،
جوهركم العميق،
لشعرت بالنبضات،
-للفطرة الدفينة-
تموسق هذا الأثير،
من شنقيط لمسقط،
بالنغمات الخالدة!!


إن ذلكم -لعمري-
يكفي لأن تقفوا،
أن يقف كل البشر،
من الأمم الراكضة،
كالحمر المستنفرة،
في برية الاستهلاك!!


(2)

لكن..!


يا رفاق الروح،
أرجو منكم الصفح..!


إن ذلكم الشيء،
لا يقال بالكلمات..!


إنه شيء مختلف..!


عراني ذات دوي،
ورصاص تلعلع..!


كأن أحدا ما،
همس فاختفى..!


كأن ملاكا -حينها-
نفثه في الدم،
فنجم في الروح،
مثل رسالة صدق،
طرأت بشغف،
على سطح رقيق،
(للبريد الوارد)!!
..
ابتز إحساسي،
شغل ملكاتي،
وداهم قواي،
من دروب غامضة،
وجهات مجهولة!


لقد عم وجودي،
مثل نور الضحى!


كأنما هو..!
سفر ضخم،
انفتح أمامي،
فانجذبت أقرأ،
وسقطت أهوي،
صوب عوالمه،
حتى لكأني،
صرت آهة،
تُكررُ بحرارة،
بقلب كل بطل،
من أبطال حكاياه؛
فاندفعت أرجو،
أن أقول شيئا،
أحسسته عارماً،
وظننت أنه،
ينتظر قابعا،
خلف كواليس،
شهوة الإفصاح!!


وهأنذا..!
كلما هممت،
برسم إحساسي،
أفقد لساني،
ويصيب العبارات،
ذهول مفاجئ!


مثل (فرنكنشتاين)،
سررت بإدراكه،
وأشعر الآن،
أنه أدركني،
ليرفعني عنوانا،
ينام إلى الأبد،
على صفحته الأولى!!


فاقرؤوا كتابا،
أنا عنوانه...
أنا الشهيد،
لحزن نبيل،
يلون حكاياه!!


(3)

روحي مضت لله،
مثل شحرور أخضر!


لم تدع على الجسد،
سوى عَبرة مشنوقة،
تشيع جثمانها،
ألف مليون عِبرة!!


روحي مضت لله،
لم تخلف سوى،
صرخة مدوية،
تتجاوب أصداؤها،
في عوالم متداخلة،
تظلم وتضيء،
ملء قسمات وجهي!!


روحي مضت لله،
تركت على ثغري،
آهة خالدة..!

( كأن جداول تائهة، من أنين مآسيكم، وجدت ضالتها، عبر نهر أبدي، يتدفق دون نضوب، بين شفتي شهيد !! )


روحي مضت لله،
تركت في مقلتي،
شيئا من الوهج،
بقايا من كهرباء،
وجدتها كافية،
لوداع ضمائركم،
بآخرة نظرة،
ألقيها عليكم...!
آخر نظرة...!

( كأن جراح القلوب، التي تثعب ألما، من لدن أبينا آدم، لتروي عطشا دائما، لحزن أقسى دقائق، في كل تراجيديا، لم تجد في العالمين، فضاء أكثر شجوا، لهول احتشادها، من جواء موشحين..!! أغنيتين للأسى.. ستسموان بالشكوى، والموسيقا الدامعة، إلى يوم البعث، بملء مقلتين، لشهيد طفل..! قتلته عصابة..! كيان عنصري.. كيان إرهابي.. كيان دموي، يدعى (إسرائيل)!!)


 (4)

 أودعكم يا عرب،
 بآخر نظرة مني!

 آخر نظرة مني....

 محمد ليس منكم!
 محمد لستم منه!
 إن لم تجعل منكم،
 معالم من ضياء،
 على طريق لاحب،
 نحو فجر الحق!

 محمد ليس منكم،
 محمد لستم منه،
 إن لم تجعل منكم،
 صدورا وأعجازا،
 لأهازيج الثأر،
 وملاحم الانتصار!

 محمد ليس منكم،
 محمد لستم منه،
 إن لم تجعل منكم،
 أدوارا وخرجات،
 أبدعتها الليالي،
 على تواشيح العودة!

 محمد ليس منكم،
 محمد لستم منه،
 إن لم تجعل منكم،
 نقاطا وحركات،
 تجلل وجه الحقيقة،
 في عصر ما قبل الدجل،
 وأثناء الأكاذيب،
 و ما بعد الافتراءات!

 محمد ليس منكم،
 محمد لستم منه،
 إن لم تروا في وجهي،
 بفيضان حسكم،
 - لقوافل سبقت
 على طريق الإباء -
 بريدا حافلا،
 طافحا وصارخا،
 بوصايا الكرامة،
 ورسائل الكبرياء.

 محمدليس منكم،
 محمدلستم منه؛
 إن رأيتم في وجهي،
 ذلكم البريد؛
 و لم تكونوا له،
 - في عشقكم المتقدم،
 والراقي للحياة -
 كلمة سر الخلد،
 وعنوان الأبدية!!
 محمد ليس منكم،
 محمد لستم منه،
 إن لم تكونوا -يا عرب-
 مفتاحا لا ريب في
 لباب حان فتحه
 لمعنى الإنسانية!


 (5)

أودعكم ياعرب!

 أودعكم - أنا -
 بوصية حكتها
 من مزق شراييني

 وصية أقولها،
 فاسمعوها ياقوم..

اسمعوها صرخة،
 ملء دمي المراق :
 [ استيقظوا يا عرب،
 حتام هذا الغياب؟!
 حتام تدبجون،
 وتنظمون وتنثرون،
 (سبابيات) لا تنتهي،
 ليقتات من أذاها،
 (مازوخكم) التعيس؟!
 ..... تبدعون أوجاعه،
 لتقدموها قربانا،
 على العتبات الدنسة،
 للعصابات السادية!!
 حتام ياعرب تفعلون ذلك؟!
 حتام ينطلي عليكم المكر؟!
 استيقظوا...
 لا تشتموا أنفسكم!
 فورب محمد!
أحبوا أم كرهوا
( فلا معنى للعالم، من دونكم يا عرب)*]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* العبارة لرجب طيب أردوغان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))