عند نهرٍ سرمد
الإهداء : إلى
(أخي) و حبيبي القادم من بطحاء الدماء و الدموع وارفاً مخضوضراً ملء الأفق المعشاب
يا بقايا تعفنت في زقاقِ
إن أربابَ ربِّكم منه أنكدْ !
هم شذوذٌ من الأذى و الشقاقِ
و هجينٌ من الخَنا و التَّشَدُّدْ
هم مُسوخٌ تحدرت من إباقِ
تتمارى و تزدري و تُعرْبِدْ
يالَقَهْرٍ لقيتُهُ ، و ألاقي
في براري هجيرهم ، دون مُنْجِدْ !
هم أباحوا سكينتي و وِفَاقي
لِمَريدٍ جهنميٍّ ألَنْدَدْ(1)
و قَلَوْني لِفَتْكِهِ دون وَاقِ !
فأراني من الردى كلَّ مَشْهَدْ
غير أني فَجَأتُهُمْ كالخُنَاقِ(2)
من بطاح امتهانهم عُدْتُ أجْلَدْ
هاهم اليومَ في كظيم انغلاقِ
و خلايا غرورهم تَتَبَلّدْ
أنا حُرٌّ ؛ و ما دخان اختناقي
غيرُ وَهمٍ - من اختراعي – تبددْ !
أنا حُرٌّ و قد حَلَلْتُ وثاقي
من فؤادي ، و إن زحفتُ مُقَيّدْ
لن يطالوا - و إن كرهتم - خَلاقي
من شعورٍ على جُموحي تَجَسّدْ
يا بعوضاً بساجيات انعتاقي
اسألوا عن حتوفكم كل مَرْصَدْ !
افهموني !.. لقد تلاشى نطاقي
ما لِنوري إلى الفتوحات من حَدْ !
***********
أنا يطغى - كما الجنون - احتراقي
لِبَرودٍ ، بزمزم القلب مُبعَدْ !
هو ظِلٌ على لهيبِ انسياقي
لاخضرارٍ بمهجتي يتجددْ !
هو حُرٌّ ؛ و ذاك سهمُ اختراقي
و كبيرٌ ، بِجوف صدري تنهّدْ
و أصيلٌ ، بهِ.. إليهِ انشقاقي
و جزيلٌ ، على مِزاجي مُعَدّدْ
و ذَكيٌّ ؛ يَنُثُّ عِطْرَ انفتاقي
و أبيٌّ ، بأرجواني تورّدْ
وأديبٌ ؛ و ذاك نَخْبُ التّسَاقي
بضفافٍ ، من الشرايين ، تُولدْ
وكؤوسٍ من الأماني ، عِتاقِ
و فضاءٍ ، من الأحاسيس ، يمتدْ
و نديمٍ ، يُشعُّ منه ائتلاقي
و زماني بِسِحْرِ عينيهِ يخمدْ
***********
أنتَ مائي و منبعي وانبثاقي
أنت روحي ، على خُمولي تمردْ
أنت خيلي و مركبي و بُراقي
بسماوات فطرتي راح يصعدْ
أنت دِرعي و مَشْرَفيُّ امتشاقي
بميادين فكرتي ليس يُغْمَدْ
أنت أهلي و عُصبتي و رفاقي
أنت لألاءُ جوهري و الزَّبَرْجَدْ
و اصْطِبَاحي من الهوى و اغْتباقي
بأفانين وَبْلِهِ أتزودْ
***********
أنت بدرٌ مسافرٌ في محاقي
واشتعالٌ ، على فتيلي تولّدْ
أنت وصلٌ مرادفٌ للفراقِ
وفقيدٌ ، بنابض الكَلْمِ يوجدْ
أنت دربٌ مواكبٌ لانطلاقي
و غيابٌ ، على وجودي تمددْ
أنت كأسٌ لذيذةٌ من دِهاقي
و انسكابٌ بِقَاعِ نفسي يُزَغْرِدْ
أنت روحٌ مُجَسَّدٌ في سياقِ
أنت جِسْمٌ من المعاني ، مُجَرّدْ
و مِدَادٌ على طُرُوسِ المراقي
لمدارٍ بغيب روحي تَوقّدْ
أنت فِكْرٌ ، كفاتناتِ المآقي
يتوالى على ضميري مُسَدّدْ
كلماتٌ مسوقةٌ باتِّسَاقِ
مثل لحنٍ ، على اشتهائي ، تَرَدَّدْ
وحروفٌ ، لها انسجام السواقي
وانسيابٌ من اللُّجَيْنِ المُعَسْجَدْ
يتلاقى على حسيس العناقِ
نغماتٍ من الحنين المؤبدْ
يتسامى يصوغُ سِحْرَ التلاقي
عند نهرٍ من التسابيح سَرْمَدْ
***********
يا لئاماً تمتعتْ بانسحاقي
إن مرسوم نزعكم قد تَعَمّدْ
بدمائي سأرتقي للتراقي
لِتَرَوا – من فنونكم - كلّ أسودْ !
و سأسعى على حطام النفاقِ
لِصَباحٍ ، من الطموحات أغْيَدْ
لن تمسوا – بإذن ربي – اشتياقي
لانهمارٍ من الوصال المُخَلَّدْ
ذاك عشقٌ بقوة الله باقِ
عبقريٌ ، وفائقُ الكُنْهِ ، مُفْرَدْ
عَنْدَلِيبٌ يَرودُ سبعَ الطباقِ
وهَزَارٌ على النواميس غَرّدْ
(1)ألندد : شديد الخصومة شحيح
(2)الخناق : مرض يصيب الحَلق
إهداء جميل وراقي جدا أتمنى لكما التوفيق والحياة المديدة
ردحذف