الأحد، أكتوبر 27، 2013

وجه من السماء ..



..


في رثاء الرجل النبيل ابن البلد البار الأب الحنون/أحمد محمد عقلان "الطويل" العضو البارز في المجلس المحلي لمديرية الشمايتين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان ..



جُمعةُ العَشرِ وَدَّعَتْكَ اصْطِفَاءَ     إذ دهى الحزنُ أرضنا والسماءَ!
غامتِ الأرضُ إذ رحلتَ حِداداً     كغمام العيونِ فيكم بُكاءَ
كيفَ أرثيكَ؟! إذْ مماتُكَ أضحى     من جَوَى الناسِ والجِواءِ رِثاءَ
كيف أرثيكَ؟! أو أَقولُ عزاءً     وأنا فيكَ أسْتَحِقُّ العَزَاءَ
كيف أرثيكَ؟! واليَرَاعُ تأبَّى     في مَداهُ السُّكوتُ حُزناً تَرَاءى
والثواني تَلَفَّعَتْ بِسَوَادٍ     من أسى الروحِ فاستحالتْ عَمَاءَ
والمعاني عَصِيَّةٌ في فراغٍ     من شُعورٍ؛ بِجَوِّهِ تتناءى

رُحْ إلى اللهِ! يا "طويلُ" سعيداً     أَذِنَ اللهُ بالرواحِ وشاءَ
رحْ إلى اللهِ؛ عندهُ كل فضلٍ     وستلقى من الجحود الشفاءَ
رحْ إليهِ تجدْ ثواباً وأهلاً     واعترافاً وصحبةً أوفياءَ
رحْ إلى ربك الكريم ارتقاءً     بعد أن مَلَّ طبعُك اللؤماءَ
إنَّ للهِ في رَوَاحِكَ عَتْبَاً     صفعَ الروحَ..سَفّهَ الكبرياءَ
لستَ للأرضِ كي تُعَمَّرَ فينا     أنتَ للخلدِ مَبْدَأً وانتهاءَ
فَجَّرَ اللهُ في ضميركَ حُبّاً     فاضَ للناسِ من يديكَ سخاءَ
وجَزَى اللهُ يا "طويلُ" صِغاراً     ناصبوا قلبَكَ الرحيمَ العِداءَ
تَخِذوا حِلْمَكَ الكبيرَ سبيلاً     كي يُذيقوكَ من أذاهم وَفَاءَ!
فَتَرجَّلْتَ عنْ زمانكَ شهماً     إنَّ للمُحسنِ في "الحُسْنى" جزاءَ
أيها الأشقياءُ، ماذا جنيتم؟!     من نبيلٍ تقَلَّدَ العلياءَ
ما جنيتم سوى جناياتِ لُؤْمٍ     فاقْبِضوا منهُ ما حَرَصْتُمْ هَباءَ!
اِحْزِموا الريحَ واحْمِلوا ذَنْبَ إفْكٍ     واكْنِزوا الحِقْدَ والعَمَى والغَبَاءَ

قلبكَ الفَذُّ كان للصدقِ نهراً     عشقَ الناسُ ضِفَّتَيهِ ارْتواءَ
كلما جَفَّتْ الحكاياتُ فيهم     ابتغوا منه للحكاياتِ ماءَ
قلبُكَ الرَّحْبُ بين جَنْبَيْكَ سَهْلٌ     صاغهُ اللهُ للورودِ ابتداءَ
أنتَ شكلٌ من السماءِ بسيطٌ     نظراتٌ تُنَاسِبُ الفقراءَ
كلما حدَّقَ اليتيمُ إليها     أسعدتْهُ أمومةً وامتلاءَ
مثلَ خُبْزٍ تَراهُ بعدَ اشتياقٍ     رُوحُ طَاوٍ؛ هَفَتْ إليْهِ اشْتِهاءَ
نظراتٌ لها وميضٌ وقورٌ    كنجومٍ تُحاورُ الشعراءَ
كَظِلالٍ مِنَ المعاني تَوَافَتْ     وإليْها صَدَى الأغاريدِ فَاءَ
وابتسامٌ بشُحنةِ الحُبِّ ثَرٌّ     مثلُ مٌزنٍ تُرَوِّضُ البيداءَ
يَبْسُمُ الصخرُ من حَيَاها, ويبدو     جَنْدَلُ القَفْرِ تحتها وَرْقَاءَ
ابتسامٌ يفوقُ كلَّ مقالٍ     مَنَحَ اللهُ سِرَّهُ السُّعَدَاءَ
ابتسامٌ يفيضُ حلواً رقيقاً     يغمرُ الصحبَ بهجةً وانتشاءَ
ابتسامٌ بِملءِ وَجْهٍ ضَحُوكٍ     لم يكنْ قَطُّ في "الطويلِ" ادِّعَاءَ
وهدوءٌ كصمتِ بحرٍ عظيمٍ     قد طوى في شغافه الأحياءَ
وطوى الأهلَ والصحابَ جميعاً     ثمَّ آوى بعطفهِ الغُرَبَاءَ
وتلاشى بِعُمْقِهِ كلُّ جرحٍ     كَرَماً منهُ, وحُبّاً, ونقاءَ
واصطباراً , ورقةً, وسلاماً     وكذا اللهُ أبدعَ النُّبَلاءَ

عُدْ إلى اللهِ يا "طويلُ" هنيئاً     و ذُقِ العيشَ عندهَ والبقاءَ
أنت وَجْهٌ مِنَ السماءِ حَبيبٌ     عاشَ في الأرضِ للسماءِ انتماءِ

14اكتوبر2013 م / المقارمة الشمايتين تعز

هناك 6 تعليقات:

  1. كلمات من اعماق القلب لا تجد الا اعماق الثلوب تستقر فيها ... عشت و.... ورحمة الله ابينا الفاضل

    ردحذف
  2. لله درك من كلمات عشة يا استاذي الفاضل
    ورحمة الله ابينا الفاضل احمد عقلان ( الطويل ) الذي نعجز جميعا على رد الجميل له وسنكون اوفياء له بدعاء ما دمنا على قيد الحياة انشاء الله

    ردحذف
  3. موقع رائع
    صهيب السقاف

    ردحذف
  4. رحمة الله عليه
    وحفظك الله استاذ احمد وافصح لسانك

    ردحذف
  5. أنت وَجْهٌ مِنَ السماءِ حَبيبٌ * عاشَ في الأرضِ للسماءِ انتماءِ
    منذ زمن لم أقرأ رثاءً، وهأنا اليوم وجدت قصيدة تدفقت معانيها محبة واخلاصا للطويل رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته، ارتويت من فيض العبارات والمعاني التي أكسبتني محبة للفقيد وإن لم أكن أعرفه.

    سلم قلمك يا شاعر

    ردحذف
  6. بارك الله فيك ياولداحمد

    ردحذف

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))