الأحد، فبراير 02، 2014

الإخوان المسلمون



الإخوان المسلمون قادمون من ماضيهم كما قدمت أوروبا من ماضيها ! لكن الفرق أن أوروبا لا تريد للعرب أن يقدموا أصلا ..!

 أن يكون للإنسان مرجعية دينية ، هذا ليس - بالضرورة - رغبة بعودة شلال الزمن إلى المنبع ، فيمكن أن يكون إيمانا بتدفقه إلى المستقبل وفق تصور متجاوز من القيم المثلى يمتد إلى ما بعد الموت ، ويرفض أن يجعل من "الإنسان" مجرد كائن حداثي عمره الافتراضي سبعين عاما يفنى بعد أن يحول الزهايمر بينه وبين تذكر وجبته السابقة ! .. 

"الإخوان المسلمون" فكرة لا ترى الناس كائنات حيوانية لديها من الذكاء ما يجعلها أكثر تنظيما في تلبية حاجاتها المادية مختزلة الوجود لمأزق يتمثل بمعدة لا تمتلئ إلا لتفرغ من جديد في دورة عبثية بين المائدة والحمام! .. 

"الإخوان" أبناء الحاضر المتصل بالماضي المنطلق إلى المستقبل ولا فرق بينهم و الحزب الديمقراطي "المسيحي" الألماني ؛ فهما يؤمنان من البداية بحق الشعوب مهما تنوعت في اختيار طريقة عيشها والقوانين المنظمة لحياتها ، والمفهوم الحضاري الذي تؤمن به ، والوصف الذي تخلعه على الإنسان وكنهه وأصله ومصيره .. 

الحزب الديمقراطي المسيحي يحتفي بسياجه الماضوي لدرجة إدراجه ضمن اسمه! لكن أردوغان أكثر حداثة حين رغب بالانضمام للاتحاد الأوروبي من هيلموت كول الذي صرخ : "لا مكان لتركيا المسلمة في أوروبا المسيحية" !

 "الإخوان المسلمون" يناضلون وسيناضلون بلا توقف لأنهم يرون أن حرية الشعوب في تقرير مصيرها هبة ربانية للبشرية وليس ابتكارا فكريا ل"جان جاك روسو".. الإخوان المسلمون مشروع عالمي يجيب عن التساؤل الناشئ عن وعي الاختلالات العميقة في الحياة في ظل هيمنة أوروبا وأمريكا! وعن وعي الإرهاب الأوروأمريكي الذي قتل في عصره خلال قرنين عددا يفوق عدد القتلى في كل القرون من عهد آدم .. 

مجتمعاتنا بغير كلاب أمريكا وأوروبا ورغم التخلف و رغم ما ينقصها من الإمكانات أكثر أمانا من أوروبا وأمريكا الذي لا يعد فيها الأمن غير منتج من منتجات العصر الرأسمالي مدعوم بالقبضة الأمنية والطفرة في الإمكانات التي نتجت عن قرون من النهب الاستعماري لأوطاننا ، ولم تنسحب ذئابه إلا لتترك زمام السيطرة بيد الكلاب المحلية التي يصرح الذئب جون كيري بأنها - هذه الكلاب - عن طريق مجزرة رابعة العدوية لم تفعل شيئا !! هي فقط استعادت الثورة من الإخوان المسلمين !!!!!! وهنا لا فرق بين روسيا النفط والغاز والكي جي بي وأمريكا المجمع الصناعي العسكري والسي آي إيه في المسؤولية عن قتل نصف مليون إنسان في سوريا لمجرد خروج السوريين بصدور عارية يرددون هتافهم التاريخي : بدنا حرية!

ونقد الإخوان ومسيرة الإخوان وقادة الإخوان أمر لابد منه مثلهم مثل كل حركة تحرر ، لكن المسألة المصرية لا يمكن اختزالها بأحداث معزولة أو بأشخاص ، بعيدا عن سياق التاريخ السياسي المصري الحديث .. 

وعيوب الإخوان - إن صحت - لا تمثل بأي حال مفتاح فهم المعضلة المصرية بل هي فرع من أصل كونهم المشروع الجدي الوحيد الذي يحاول الخروج من نفق العسكر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))