الأحد، فبراير 02، 2014

الفناء والخلود




الفناء : مصطلح يفسر سمة مشتركة للموجودات مرتبطة بطبيعتها التي لها عمر افتراضي ..

من الناحية النفسية نجد أن الشعور بالزمن نسبي ؛ فالطفل يشعر بمرور بطيء للزمن ؛ ويأخذ هذا الشعور بالتغير كلما كبر الطفل حتى يصبح رجلا فيبدأ الزمن بالتسارع حتى يشعر بالعام يمر كشهر ، ويعود هذا التغير لتنامي وتعمق وعي الإنسان بمرور الزمن وتصاعد قلقه من الموت من خلال الليل والنهار ومن خلال أثر الزمن على غيره حتى يتغلغل هذا الوعي في اللاوعي فيشعر الرجل بمرور سريع للوقت بعكس الطفل الذي هو في مرحلة بداية الوعي بالزمن والشغف للحياة يجعل الموت مسألة هامشية في وعيه! .. كل مآسي البشر سببها سمة الفناء ؛ فالألم ناتج عن النقص ، والشقاء سببه الخوف من مرور الوقت!

الخلود : مصطلح يفسر سمة مشتركة للموجودات مرتبطة بطبيعتها التي ليس لها عمر افتراضي ..

من الناحية النفسية ؛ لا يوجد شعور بالزمن فلا ليل ولا نهار بل نور ثابت ولا فناء للأشياء ولا خوف من مرور الوقت وطبيعة الإنسان كاملة فهو يتلذذ بالطعام ليس لجوعه ولكن لأن الطعام لذيذ وهو لا ينام ؛ لعدم حاجته للنوم ؛ فهو لا يتعب ؛ لأن الخلايا لا تموت .. اللذة سببها الكمال .. والسعادة عدم القلق من الوقت!

في الدنيا: كلما قل خوفنا زادت سعادتنا .. فالبعض يحاول النسيان بالانغماس في الملذات أو العمل ! لكن هذه مسكنات فقط ، والصحيح هو الخلاص من الخوف من الموت بتصوره على حقيقته باعتباره محطة انتقال فقط للحياة الحقيقية.

  كفائدة يمكن القول أن الوعي الصحيح لفكرة الفناء لها أثر محوري في تجنب الأثر السلبي للوعي الخاطئ لها ولذا قد يوجد شخص كبير في السن لا يزال يحتفظ بالدهشة وبالعكس قد ينعكس وعي طفل بالفناء (من خلال تجربة معايشة حرب أو قتل مثلا) إلى مرض نفسي تنتقل فكرة الفناء من الهامش إلى مركز تفكيره .. والدواء الأمثل للوقاية من الأثر المدمر لوساوس الفناء القهرية السلبية عند الأطفال (كهاجس مبكر له علاقة بتجربة سلبية) وعند الكبار (كهاجس تفرضه آثار الزمن على الذات) هو الإيمان العميق بالله واليوم الآخر (هذان الركنان من الإيمان يقترنان بكثرة في القرآن) والإيمان بالتصور السليم لفكرة الفناء وهو ما يبينه القرآن والسنة وعلى سبيل المثال : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) مع التنويه لضرورة إبعاد صغار السن عن التجارب السلبية المرتبطة بالعنف و القتل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

((تبارك اسم ربك ذو الجلال و الإكرام))